لم يقتصر دور معصرة زيت الزيتون بأرياف حائل الشمالية على استخراج الزيت فحسب بل غدت نقطة جذب ومزارا سياحيا ومرجعا للباحثين للتعرف على تقنية جديدة لاستخراج الزيت كونها تستخدم طريقة جديدة هي الأولى من نوعها محلياً.   

وكان كتاب طبي دفع مواطن سعودي للسفر لثلاث دول وقطع مسافة تتجاوز خمسة آلاف كيلومتر في غضون عامين للبحث عن تقنية استخراج زيت الزيتون على "البارد"، لنقلها محليا، ونجح في الوصول إلى مبتغاه بعد سنتين من البحث والتنقل ما بين الأردن وسورية ومصر.  

ويقول راضي عاشق الدهام - وهو مزارع يبلغ الستين من عمره - لـ"الوطن": إن ما قرأه عن فوائد زيت الزيتون المعصور على البارد، قاده للبحث عن الطريقة السليمة للحصول عليه لأهمية تناول ذلك الزيت طبيا، إضافة إلى جهل العديد من المزارعين بطبيعة الزيتون كون زراعته دخلت حديثاً إلى شمال المملكة، مشيراً إلى أن تقنيات العصر على البارد تستخرج زيت الزيتون دون أن ترتفع حرارته أو تتجاوز 30 درجة أثناء العصر، مما يضمن بقاء العناصر الغذائية فيه دون أن تتلف.

ويشدد الدهام على أن طريقة عصر الزيتون "البارد" ليست منتشرة بشكل واسع كون تكلفة استخدامه أعلى من الطرق الأخرى، ويحتاج جهداً وهو ما صعّب من مهمته للتعرف عليه بعد بحث بين معاصر الزيتون في الأردن، وسورية، ومصر، مبيناً أن أحد المزارعين المصريين أرشده لمعصرة في واحة "سيوا" تعمل بطريقة مشابهة لما كان يبحث عنه. 

ويضيف الدهام أنه سافر مرة أخرى ووصل سيوا وشاهد المعصرة وتعرف على الطريقة المستخدمة في استخراج الزيت دون أن ترتفع درجة حرارته، مشيراً إلى أنه شعر بالإحباط بداية الأمر بعد أن طلب منهم تزويده باسم المصنع المورد لآلات المعصرة، إلا أنهم أبلغوه بأنهم أنشؤوا المعصرة بطرق بدائية لعدم وجود مصنع ينتج آلات خاصة للعصر على البارد، وقالوا له إنها المعصرة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تستخدم العصر على البارد. 

وبين أنه قرر أن يبني معصرة يستخدم فيها الآلات مما دفعه إلى متابعة عمل المعصرة إلى حين الوصول إلى تصور مبدئي لعملها، وبدأ يبحث عن معدات وآلات في مخارط وورش مدينة حائل بعد عودته للمملكة. وتابع: أنشأت في البداية موقع المعصرة بداخل مزرعتي بقرية قناء شمالي حائل، وقمت بتجميع أجزاء المعصرة من خزانات فولاذ لجمع الزيتون وخلطه، وتعاقدت مع ورش لبنائها بمقاسات محددة .. وفصل الزيت عن الماء .. واستخدمت لها الهيدروليك المستخدم بمعدات الحفر.

وأردف قائلاً إنه قضى نحو عام من العمل حتى اكتملت معصرته التي كلفته نحو نصف مليون ريال، منوها إلى أنه أسهم في انتشار زراعة الزيتون بعد أن ساعد المزارعين في الاستفادة من محصولهم. وقال إن مخلفات المعصرة يستخدمها كعلف حيواني، وأن زيت الزيتون المنتج من معصرته يفوق سعر اللتر منه 100 ريال، مبيناً أن إنتاج المعصرة نفد هذا العام باكرا بعد أن تم حجز كميات كبيرة منه هذا الموسم.

ويختتم المزارع راضي حديثه بالقول إن معصرته تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وقبلة للمهتمين والمختصين بالزيتون، وأن أبرز من زارها مسؤول تونسي مختص بالزراعة برفقة مدير عام الزراعة بحائل المهندس سليمان الصوينع.