يحز في النفس أن نناقش مشكلة العنصرية في مجتمعنا، فإلى وقت قريب ما كان لأحد أن يريد مناقشتها في العلن حتى لو أراد علاجها، خشية الجهر بها وخشية من زيادة تفشيها، لكن الآن وبعد أن راجت في مواقع الإنترنت ووجدت من يروج لها حتى خرجت إلى العلن في الملاعب؛ لا بد من فتح النقاش بشفافية والتصدي لها قبل أن تصبح ثقافة عامة، لذلك فإن أي نقاش حولها لا بد أن ينصب في هدف واحد، وهو وأد واستئصال العنصرية بكل صورها مهما صغرت.

أكتب هذا الموضوع بعدما تناولت وسائل الإعلام ما حصل بعد مباراة الاتحاد والهلال في الرياض. فما حدث من تعبيرات عنصرية ليس هو الدليل الوحيد الذي لفت الانتباه إلى وجود المشكلة، بل هو أيضاً انعكاس لحالة اجتماعية أخرجتها الملاعب إلى العلن. وهنا ألفت الانتباه إلى سببين أديا إلى تفشي هذه الظاهرة البغيضة. الأول، عدم تفعيل اللائحة الإعلامية التي تجرم العنصرية، فلم نسمع عن معاقبة من استخدمها في الإنترنت مثلاً. والسبب الثاني، عدم تفعيل الأنظمة الداعية إلى ترسيخ مبادئ التعددية والقبول. فلو ترجمت هذه المفاهيم إلى واقع اجتماعي لأصبحت التعددية والقبول ثقافة عامة وسلوكا جمعيا.

وسائل الحل متعددة ويسهل تطبيقها، مستفيدين من تجارب المجتمعات الأخرى، خاصة أن مجتمعنا، بحمد الله، متدين يسهل إقناعه بالربط بين الدين وحب الوطن. ولكن قبل التفكير في ذلك، لا بد أن تتولى هذا الملف لجنة وطنية بصلاحية كاملة لدراسة أسباب الخطاب الممانع للتعددية. ومن ثم تخرج اللجنة بمسودة مواد وآليات تطبيق لتجريم كل أشكال العنصرية. وفي نفس الوقت تقترح البرامج لترجمة مفهومي التعددية والقبول الاجتماعي ليصبحا ثقافة مشتركة بين جميع الأطياف المكونة لمجتمعنا.