أمامك شخصان في المطار.. الأول ممسك بكتاب.. والآخر ممسك بهاتف جوال.. للوهلة الأولى أي الشخصين باعتقادك هو من يستثمر وقته بشكل إيجابي؟!

لا أبحث عن الإجابة هنا.. لكنك غالبا ستميل مع الأول.

يخطئ البعض الوصف أحيانا.. وبالتالي يُصدر أحكامه غير عادلة.. حينما نشاهد شخصا ممسكا بهاتف جوال في المجلس أو في المطار أو في القطار، أو في صالة الانتظار، نظن أنه يتراسل مع غيره بما لا يفيد، وبالتالي فهو إنسان غارق في اللهو، لا قيمة عنده للزمان والمكان!.

أنا لا أبرر فعلا سيئا، لكن غالبا الواقع عكس ذلك.. الهاتف الجوال اليوم تجاوز كونه هاتفا للمكالمات والرسائل.. هذه الخاصية لا تشكل1? من قيمة الجوال!.

يفترض أن نقلل من جلد الآخرين.. الجالس أمامك ربما كان يقرأ كتابا.. أو فصلا من رواية ما.. هذا الممسك بهاتفه الجوال ربما كان يشتري ويبيع في سوق الأسهم، ويبرم صفقات كثيرة طيلة مكوثه معك.. ربما كان يبحث عن رحلة.. ربما كان يسعى لشراء سلعة.. أو إنجاز معاملة.. أو تعبئة استبيان.. أو يشاهد فيلما.. أو يتابع برنامجا وثائقيا.. أو يدير مجموعة بريدية.. أو يستثمر وقته في استكمال كتابة بحث.. أو يشاهد نشرة الأخبار.. ربما كان يتابع مستجدات سياسية معينة.. ربما كان يقرأ القرآن الكريم..

لا بد من إعادة نظرتنا تجاه هؤلاء المشغولين بهواتفهم المحمولة بيننا.. لا بد من تقييم ما نشاهده أمامنا بدراية ومعرفة.. هم باختصار يحملون هواتف ذكية.. كمبيوترات لوحية رقيقة وصغيرة الحجم وسهلة الحمل، تحمل في بطنها ما لا يمكن تصديقه لدى البعض.. أحسنوا الظن.. وقللوا من نظرتكم السوداء تجاه ما يدور حولكم.. في السابق كنا نقول: "خير جليس في الزمان كتاب"، اليوم هناك من يقول: "خير جليس في الزمان آيفون"!.