بالبرهان، كشفت لنا نتائج المركز الوطني للقياس والتقويم، وعبر عقد من الزمن هلامية وتضليل نتائج امتحانات الثانوية العامة لأن الفوارق ما بين درجات الطالب الواحد في الامتحانين (القياس والثانوية العامة)، وعلى مستوى التحليل الكمي للمجموع شاسعة ومتباينة. وبالقياس، أيضاً، أتوجه بالشكر لوزارة التربية والتعليم على اقتباسها أيضاً ذات فكرة (القياس) لطلاب الشهادتين الابتدائية والمتوسطة. لكن الشكر لن يكون مكتملاً إلا إذا واجهت الوزارة الموقرة، جمهورها وهو كل قطاعات الشعب بلا استثناء بهذه الحقائق المخيفة عن نوعية التعليم وعن جودته التي فضحتها الأرقام المتسربة عن نتائج امتحاناتها للقياس.

كيف صرفنا هذه المليارات الضخمة على مشروعنا الوطني للتعليم ثم خرجنا من حصاد كل هذه المليارات بهذه الأرقام وتلك النتائج المخجلة؟ كيف يمكن لي أن أهضم الحقيقة المرة من أن ما يقرب من 90% من طلاب إحدى المدن السعودية قد فشلوا في امتحانات قياس للتعليم العام الابتدائي والمتوسط، وكيف يمكن لي أيضا أن أقرأ (المتوسط العام) لنسبة القبول في اجتياز هذا الامتحان التي لم تتجاوز على المستوى الوطني نصف طلابنا في السادس الابتدائي والثالث المتوسط؟ نحن مع التعليم العام بهذه البراهين لسنا مجرد (أمة في خطر) بل (أمة منقرضة). فما هو السبب؟ السبب لأن فرداً واحداً من بين هذه الملايين لم يجرؤ أن يعلق الجرس وأن يحدث نقلة حقيقية في عالم التعليم وأن ينسف النمطي في بنائه وفي مناهجه المنسوخة في العام الأخير من نسخة عام مر قبل خمسين سنة.

لم يجرؤ أحد أن يقول إن عشرين مقرراً للمرحلة المتوسطة ليست إلا فضيحة وعاراً وخطاً أسود في مستقبل هذه الأمة وإن خمسا وثلاثين حصة في الأسبوع ليست إلا وسيلة تآمرية كي تكره هذه الملايين من الطلاب مدارسها ونظامها التعليمي، لم يجرؤ أحد ليقول لهذه الملايين إن الوزارة تطبع في المعدل ألفي صفحة دراسية للطالب في مناهجه الدراسية للفصل الواحد ولكنها تمتحنه فقط في أقل من مئتي صفحة.

لم يجرؤ أحد ليقول لهذه الملايين إن أربع حصص وستة مقررات مدرسية هي من قادت شعوب العالم المتقدم إلى (عصر العلم) وما زلنا في ذيل قوائم أمم الدنيا عالة على الغير رغم أن الأرقام تفضح الكارثة.