تؤلمني في (وطني) بعض الصور المستفزة الجارحة حين يتعاظم إطارها الضخم ثم نرش عليها الألوان رغم قدرتنا على (مسحها) بضربة واحدة. وخذ من (الصور) أن مدينة سعودية واحدة شهدت احتشاد عشرة آلاف وافد عزيز من الشقيقة (بنجلاديش) من أجل الحصول على جواز سفر لأنهم من الهاربين والمخالفين ومن المقيمين سنوات خارج القانون الذي جاؤوا إلينا نظاما بموجبه. يؤلمني أن هذا العدد الهائل يقف أمامنا في الساحة الرسمية العامة للمدينة من أجل جواز سفر بينما يفترض أنهم على رصيف الميناء أمام بوابة الباخرة. يؤسفني بعد صور التجمهر الهائلة في هذا الاحتشاد أن بيننا من لا يزال يقاوم عملية التصحيح ومن لا يزال يخوض معارك المصالح الخاصة ضد تطبيق النظام. تتكاتف أوروبا كلها في اتفاق مشترك لمنع تسلل مئة ألف مخالف في العام، بينما نحن نوزع جوازات السفر على عشرة آلاف هارب في مدينة واحدة؟ أتعرفون ماذا يعني ظهور عشرة آلاف مخالف وهارب لسنين في مدينة واحدة. وبعيدا عن القول إنه هارب ومخالف لأنه وجد ما يسيل له اللعاب خارج عقده الأصل ودعونا من القول الثابت أن الواحد منهم يقبض نهاية الشهر في سوق (الفوضى) ما يكفي وظيفة وطنية سعودية مكتملة.

الهارب المخالف هو من باع أمام عيوني (سيجارة) الدخان الواحدة أمام باب المدرسة المتوسطة للطفل بريال واحد. يكسب من أطفالنا ثلاثة أضعاف القيمة ولن نسأل عن السؤال الأخلاقي. هو نفسه من شاهدته في كمين مع الهيئة الموقرة يبيع قارورة الكحول المحرمة لثلاثة شباب من الثانوية العامة. الهارب المخالف من ذات (.......) هو من أخرج طفلة ثري سعودي من سيارة والدها عارية في الشارع أمام المدرسة بلا سبب ثم هرب وبعد أعوام وجده على الطرف الآخر من الخريطة صدفة وكاد مثلما قال لي بالضبط: أن يتحمل (رقبة) لولا لطف الله وقدره. الهارب المخالف هو من يهرب من القانون إلى الجريمة ومن النور إلى الظلام ولكم أخيرا أن تتأملوا هذه المعادلة: نحن البلد الأول على وجه الأرض في نسبة مخالفي قانون الإقامة والهجرة ولدينا منهم بالإحصاء ثلاثة أضعاف نسبة كل أوروبا مجتمعة.