هل وصل بالبعض الحال إلى الاتجار بالدين عيانا بيانا؟، الجواب: نعم، وأصبحوا كثرا، بل إن بعضهم وصل إلى مراحل متقدمة من التفنن بالتجارة، ولو أن القضية بقيت على بيع كتاب، لقلنا إنه جهد يستوجب التقدير، ولو حاولنا أن نحسن النية أكثر لقلنا إنه قيمة الورق والطباعة.

قبل أيام، ظهر لنا خطيب جمعة، وهو يعلن للناس أنه بدأ يبيع خطبه مقابل مبلغ مالي، عبارة عن اشتراك في خدمة تقدمها إحدى شركات الاتصالات، وكل ما على الشخص الذي يرنو لسماع صوت الشيخ الشجي وهو يخطب من المنبر ويدعو الناس إلى نبذ الدنيا والالتفات إلى الآخرة، أن يشترك ليكون أقرب إلى الشيخ وخطبه الرنانة.

شركة الاتصالات ذكية وليس لديها ما تخسره، بل إنها تستغل اسم الشيخ الذي ملأ الآفاق لكثرة ما يأتي به ويؤتى عليه، لتروج لخدمتها، وقد وضعت في اعتبارها أن المتلقي فرد من نسيج مجتمع يجنح إلى التدين وحب أهل الدين، لذلك ستضمن عددا جيدا من المشتركين المريدين للشيخ وخطبه العصماء.

والشيخ اللطيف أيضا ليس لديه ما يخسره، فخطب الجمعة موجودة، وهو أيضا يمارس نوعا من الذكاء بإعادة تدويرها وبيعها، رغم أنه لم يبعها على المصلين الذي حضروا لسماع خطبته، ولو كان منصفا في هذه الخدمة، فإن عليه أن يقدم خطبه الجديدة للمشتركين أولا ـ فهم الذين يدفعون ـ وللمصلين لاحقا لأنهم يحصلون عليها مجانا.

الشيخ نفسه أطلق عقله الاستثماري في بيع خطب الجمعة، بعد أن خسر صفقة أخرى سابقة كانت ستعود عليه بالملايين، وهي صفقة خدمة "ببلي"، حين انتبهت هيئة الاتصالات وأوقفت الخدمة بعد أن كثر الحديث عن المشايخ المتاجرين بالدين، غير أنها فعلت ذلك بعد أن وقع العقد وتسلم مليوني ريال!