قبل 15 عاما سنحت لي الفرصة للعمل مع رائد الفضاء الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، من خلال جمعية الأطفال المعاقين، عن طريق الإعلامي، الصديق النقي منصور المسبحي، وقتها كنت منبهراً بدقة الأمير سلطان الشديدة، وحرصه وطموحه وإصراره على النجاح، والذي تعلمت منه الكثير في حياتي المهنية.

وعلى الرغم من أن قطاع السياحة في يومنا هذا يقوده رائد الفضاء ذاته، بطموحاته وآماله العريضة إلا أننا ما زلنا ننتقد مستوى السياحة في بلادنا.

ومع استمرار محاولات النهوض بهذا القطاع المهم على مدار سنوات إلا أن الواقع لم يتغير كثيراً، ولا يسلم القطاع السياحي من النقد، ويرى الكثيرون أن ما وصلت إليه الخدمات السياحية في بلادنا لا يواكب بحال من الأحوال إمكاناتنا الجغرافية والاقتصادية، دون النظر في العوائق البيروقراطية التي تواجه الهيئة، إذ لا يمكن أن تكون مسؤولة عنها وحدها دون خطة تنمية متكاملة تشترك بها جميع الوزارات في آن واحد لخدمة القطاع، بالإضافة إلى ضرورة تجاوز العوائق الاجتماعية المختلفة من دون المساس بثوابتنا.

درج إعلاميون عند تصديهم لـ"نقد مسؤول"، على التمادي كثيراً والمبالغة في السلبية رغبة في خطب ود الجماهير والقراء، فعلاقة المسؤول بالقاعدة الشعبية دائماً معقدة، مما يضع الإعلامي في وضع محيّر، إذ يخشى الإشادة بالمسؤول فيخسر القاعدة الشعبية والمقروئية، وفي المقابل نطالب دوما المسؤولين بإزالة الحواجز بينهم وبين المواطنين، وأن يخالطوهم ويسمعوا شكواهم من دون وسطاء.

بالأمس وضع الأمير سلطان أنموذجاً يحتذى عندما زار أبها والسودة، مبعداً عناصر الأمن له، كاسراً كل الحواجز، فتجول بين الأسر والشباب وأصغى لهم ولطلباتهم، ودخل أسواق البائعات في السودة واشترى منهن، وتذوق "شاهي الجمر" من الشباب المنتشرين في الشوارع.

وحيدا، ودون أن يعرفه أحد، اطلع الأمير سلطان بالأمس على أوضاع الشقق المفروشة والفنادق، ودخل الغرف وساومهم على الأسعار، سعياً ليعيش معاناة الكثير من السياح في عسير (أهم مناطق المملكة السياحية). لا شك في أن تجربة الأمير سلطان في أبها والسودة كانت رائعة، ولكن.. هل يملك وحده القدرة على إيجاد الحلول؟

وبالأمس أيضا، أشاد الأمير سلطان بلقاء أمين منطقة عسير المهندس إبراهيم الخليل في "الوطن"، والذي تحدث فيه عن مشاريع مستقبل أبها الجديدة، وأثرها على السكان والسياحة. الخليل الذي يفتقد في بعض الأحيان إلى "كاريزما" التواصل مما جعله عرضة للنقد في مناسبات عدة، إلا أنه أثبت مقدرة فائقة في الفكر التخطيطي والإخلاص والأمانة والطموح وحب المغامرة، مما سينقل المنطقة خطوات واسعة إلى الأمام قبل أن يودع مقعده الذي أكد بكل المقاييس أنه كان "أميناً" عليه.

ولعسير أقول: ليبقَ الأمل ساطعا في الأفق باستكمال الخطوات الجبارة لمسيرة التطوير السياحي التي قادها الأمير خالد الفيصل واضعا لبناتها الأولى، عبر إطلاق عدد من المشروعات التنموية بالمنطقة لدعم قطاع السياحة، وسار على خطاه الأمير فيصل بن خالد بإسهاماته بعدد من المشروعات التنموية الحديثة ودعمه لمختلف القطاعات بالمنطقة، ومنها القطاع السياحي الذي أولاه اهتماماً كبيراً ومتابعة عن كثب.