سحور:

(وحوي يا وحوي إياحة، هلّ هلالك والبدر أهو بان، شهر مبارك وبقى له زمان). لندرة ما يتغنى برمضان ربما كان كثير من التلفزيونات العربية تبث هذه الاحتفالية، إلا أن البعد الزماني والمكاني ساهم في تغيير دلالات الكلمات. وكثيرون منا سمعوا (بقى له) على أنها (بقالة) وطالما الدعوى فيها بقالة ومشتريات بالضرورة تتحول وحوي لـ (ويحي)!


إفطار:

طبيعي نفطر، لم نصم إلا لنفطر أصلا، ولو كنا صريحين لأسمينا رمضان شهر الإفطار، لأننا مشغولون بالإفطار أكثر من الصيام ، و الحق أن الأمر يكلفنا كثيرا، حرق أعصاب وزحام و رواتب (تطير بقريح). المهم نفطر مثل الخلق!

ومنذ شهر وأزمة (السمبوسة) تلوح في الأفق، ومؤامرات جمعها تحاك في كل مكان، وتتبادل جوالات مروجيها، وبسببها يرفع سماسرة تأجير الشغالات الهاربات أجورهن إلى ضعف أجر المعلم السعودي في المدارس الأهلية، لأن لف (السمبوسة) عملية ليست سهلة، ومنذ شهر وكل الاجتماعات النسائية تدور حول (السمبوسة) من أين سنحضرها هذا العام وما جديد (الحشوات) وهل نقليها أو نخبزها وفضل القلي على الخبز وفضل الخبز على القلي.. ولا آخر وكل سنة رمضان لا يغير طبعه، ويصر يأتي فجأة، والناس تفاجأ فيه حتى لو اكتمل شعبان، لأنهم لم يكملوا استعداداتهم له، فمنذ شهر والعالم الإسلامي في تزاحم مرير لجمع المؤن، وربما لا تذكرك مشاهد الزحام على المؤن إلا بالزحام عليها قبيل حرب الخليج الثانية، فلا تستغرب إن وصل الأمر بالبعض لملء الخزان بشراب التوت أو السوبيا (يخ)، ولو لم تتحمل الثلاجات كم المؤن لا مانع من تخزين بعضها في خزائن الملابس!

ورغم أن تجارنا، جزاهم الله عنا كل ما يستحقون، حاولوا ترشيد مصروفاتنا والأخذ على أيدينا بعنف وقسوة، لكننا صامدون وفي الأسواق مرابطون و (لو تباع طرائق السمبوسة ريال للمليمتر شارينها شارينها الله لا يعوق بشر)!


إمساكية:

وتخيلوا لو أن هذا الانشغال الكبير والتخطيط والتدابير كانت لإعداد الأرواح لرمضان، وتهذيب النفوس لاستقباله، لما أهدرت جماليات وروحانية الشهر العظيم على (كاونترات) الأسواق بالهستيريا الغذائية وكأننا مقدمون على مجاعة لا على شهر القرآن والغفران والعتق من النيران، ويأتي رمضان ويغادر رمضان والأمة الإسلامية منهمكة بلف (السمبوسة)!