بدت رئيس قسم العيون بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، البروفيسور سلوى الهزاع التي اختيرت أخيرا لعضوية مجلس الشورى، واثقة من أنها لن تغيب عن مقعد الشورى حتى لو أقرت مسألة انتخاب أعضائه.. يدفعها في ذلك ما وصفته بـ "محبة الناس الكبيرة" لها، بعد صدور أمر خادم الحرمين الشريفين بتعيينها عضوا في المجلس.

وأكدت الهزاع في حديث لـ"الوطن" أن قضايا البطالة وزواج السعوديات بأجانب وولاية المرأة، أهم ثلاثة ملفات تؤرقها، وستجد طريقة لطرحها تحت القبة مع بداية الدورة الجديدة.. كثيرة هي التعليقات والتهاني التي وردت للهزاع بعد تعيينها، غير أنها تتذكر أجملها.. والتي جاءت من امرأة مسنة قالت لها "يعرفون أنك تعبتِ من الطب"، فيما تؤكد أنها لن تنسى ما قاله لها أحد مرضاها من أنه دعا لها في الحرم المكي الذي كان موجودا فيه يوم سماع خبر تعيينها.

أولويات في دفتر العمل

وعن أولوياتها في المجلس، قالت إن الأعضاء يمثلون مجلسا استشارياً، ويستقبلون القضايا من المقام السامي لمناقشتها، ولكن لو أتيحت لها الفرصة لتتحدث عن أولوياتها، فإن أول ما ستطرحه، وهو الأهم، قضايا الأحوال الشخصية للمرأة، ويندرج تحتها المرأة المعلقة والمطلقة والمعنفة.. هذه القضايا لا تهم المرأة فقط، بل تهم الأسرة.. والكل يعتقد أن الأمور تبدو سهلة وبسيطة في مجال عملها كطبيبة، ولكن تدخل عليها حالات المرضى من النساء والأسر التي لا تستطيع الحصول على أبسط حقوقها، وتسمع الكثير من الشكوى منهم بعد فحصهم.. منها ما يحز في خاطرها وتعيش المعاناة معهم، مثل طفل يحتاج إلى عملية والأب غير موجود والأم لا تعلم عنه شيئا بعد طلاقها، حيث تضطر إلى الاستعانة بطبيبين من المستشفى ليوقعا على أوراق العملية. وتضيف أن مسألة ولي الأمر تعتبر من حقوق المرأة الأهم وقضاياها في المحاكم والقيام باحتياجاتها، وهذه ليست أولوياتها فقط، بل هي أولويات الثلاثين سيدة والكثير من الرجال في المجلس الذين يتمنون أن تكون من أولوياتهم أيضا، فإن هذه القضايا دخلت للمجلس، ولكن للأسف جمدت، لأنها تحتاج لدخول المرأة معهم في المجلس لتسرع بمناقشتها وحلها. وكان عضو سابق ذكر أن المجلس بحاجة لدخول المرأة لتعجل بقضايا المرأة.

حتى بالانتخاب سأحضر..

وعن حظوظها في حال كان الاختيار بالانتخاب، قطعت الدكتورة الهزاع أنها كانت ستحصل على هذا المقعد أيضاً لو كانت هناك انتخابات، وقالت إنها تلتقي أكثر من خمسين مريضاً في اليوم، وهي تتكلم عن الشارع وليس عن أقاربها أو المسؤولين.. تتكلم عن هؤلاء البسطاء.. وقد فوجئت بكثرة التبريكات التي وصلتها.. صحيح أنها وصلت لمرحلة عالية في مهنتها، ولكنها مازالت متفاجئة من محبة الشارع لها ومن الناس العاديين فيه ووقفتهم معها دائما، وأكثر ما سمعته من مرضاها خوفهم من ترك وظيفتها كطبيبة، إلا أنها قالت لهم إنها لن تترك وظيفتها، وإن عضوية مجلس الشورى هي تكليف، مشيرة إلى أنها لا تريد أن تتكلم بثقة زايدة، ولكن وفقاً لما رأته فإنها تعتقد أنه لو كان هناك انتخاب لتم اختيارها. وتضيف أنها بمجرد إعلان الخبر انتابتها رهبة، لأنها مسؤولية، وأنهن الأوائل فإن أخطأن فسيحاسبن، وأن أصبن فسيكون لذلك تبعات إيجابية، وتتمنى أن يكن قدوة حسنة، خصوصاً أن دخول المرأة في المجلس حدث جديد، واختيارهن لم يأت من فراغ، وكل واحدة منهن قيادية ولها مركزها، لذلك يجب أن يثبتن للمجتمع أن كل واحدة منهن قادرة على تحمل المسؤولية وفاعلة.

شكاوى مع التهنئة

وتقول الدكتور الهزاع إنه وصلها الكثير من المشاكل والشكاوى من النساء والرجال من حولها وممن لا تعرفهم، حيث اتصلوا بها وهنؤوها وطلبوا منها أن تطرح مواضيع وقضايا تهمهم، مثل زواج المرأة من غير سعودي.. ما ذنب أطفالها؟ لماذا لا يكونون سعوديين؟ والمرأة لماذا لا تكون ولية نفسها وهي قادرة؟ والبطالة مشكلة كبيرة، "فالكثير من الشباب يطلبون مني أساعدهم في التوظيف".

أبرز التعليقات

وعن التعليقات التي وردتها، تقول" أبرز التعليقات التي وردتني كان من سيدة كبيرة في العائلة قالت لي "يعرفون أنك تعبانة من هالشغل.. يالله خلاص بترتاحين من هالشغل".. فيما قال لها أحد مرضاها إنه حينما عرف بخبر اختيارها كان في الحرم المكي، ولما وصله الخبر دعا الله لها قبل أبنائه.. "وسيدة أخرى مسنة انحنت عليّ وقبلت رأسي، وقد كنت منهمكة أثناء عملي في العيادة وأنا جالسة واعتذرت منها، وقلت لها لك الحق أن أقف لك، فقالت أبدا فنحن فرحون جدا بك".. هذه المواقف التي تأتي من الناس البسطاء لا تقدر بثمن، والأشياء الجميلة عندما تحدث، تحدث في وقت واحد،" فقد رقيت من منصبي رئيسة شعبة إلى أعلى منه، حيث أصبحت رئيسة القسم، فقد تحولت شعبة العيون إلى قسم مستقل في المستشفى، وكانت في السابق شعبة تحت قسم الجراحة، والآن أصبحت قسما مستقلا تحت إدارتي، وأنا أول سعودية تحصل عليها".

مواقف لا تنسى

ذكرت الدكتورة سلوى الهزاع أنها بعد حصولها على التخصص الدقيق في الشبكية والوراثة بأربعة أشهر بدأت عملها في المستشفى، وكان أحد كبار الشخصيات تعرض لحادث في الشبكية، وقال له الطبيب المختص سأحولك على الدكتور الهزاع، فكان يقصدها، فكشفت عليه وأعطته الدواء وعرفته بنفسها، وعندما قالت له هل انتهيت؟ قال لها لا.. أنا أنتظر الدكتور الهزاع.." فقلت له أنا الدكتور الهزاع. فقال لا ، كيف أنت امرأة وصغيرة، وأنا أنتظر دكتورا رجلا، وأكبر سنا".. فقلت له الله يسلمك. أنا الدكتورة سلوى الهزاع، وهو تخصصي، وهذا التخصص لا يعرفه الكثيرون، ولم يقتنع، ولكن بعد أن استفاد من علاجي صار هو وكل أفراد عائلته يراجعون لدي".

طفولة طموحة

حول طفولتها وطموحاتها، تقول إنها منذ طفولتها كانت تتمنى أن تمثل بلدها، وقال لها والدها "ادرسي الطب"، وقالت له "لا، أريد أن أمثل بلدي"، فقال "ستمثلين بلدك وأنت طبيبة"، مشيرة إلى أن والدها من منطقة القصيم، وكان من أوائل السعوديين المبتعثين للولايات المتحدة الأميركية.