ما الذي يمكن أن يحدث لو استمرت الحرب في سورية؟ من الواضح أن انتصار النظام لم يعد ممكنا، خاصة أن تسلسل الأحداث لمدة تزيد عن عامين يؤكد أن العودة في سورية لما قبل الثورة أمر يكاد يكون مستحيلا للغاية.. البلد يكاد يفقد نصف سكانه وأكثر من 80% من اقتصاده، إضافة إلى بنية تحتية شبه مدمرة، وواقع معيشي متأفف باتت ترى مختلف شرائحه أن أولى خطوات الحل إنما تبدأ برحيل النظام. اكتشف العام أيضا أن النظام السوري لم يكن سوى ذراع عسكري واستخباراتي وأمني لطهران التي تعاني من أزمات سياسية واقتصادية خانقة - لست متفائلا إلى الآن بالتحولات السياسية التي تشهدها إيران بعد فوز روحاني بالرئاسة، خاصة مع وجود سلطة المرشد الأعلى - وبالتالي إيران أيضا ستعيش هزيمة كبرى في سورية، ولأنها تخشى ذلك بالغت في الاستماتة بتأجيل تلك الهزيمة، وزجت بـ"حزب الله" في تلك الحرب مع ما سيعيشه الحزب من خسائر واسعة ربما تضع بداية النهاية لكل مسيرته الرنانة الكاذبة حول صموده ومقاومته للعدو الإسرائيلي.

إذن فالانهيارات القادمة في الشرق الأوسط سوف تأتي على أبرز الكيانات السياسية التي كانت تهدد استقراره: الملالي في طهران وحزب الله الإيراني في لبنان، وبالطبع النظام السوري.. هذا التسلسل يفسر حجم المغامرات التي خاضها هذا المثلث وكيف تصرف بما يشبه الانتحار. الآن مثلا من سيصدق حزب الله الإيراني إذا تحدث عن صموده ومواجهته لإسرائيل؟ من سيصفق له لو واصل إرسال صواريخه الكرتونية على مستوطنات إسرائيلية؟ ما الذي تبقى في الشارع العربي أو الإسلامي لهذا الحزب؟

المستقبل القريب والقريب جدا – ربما – يؤكد أن ثمة حاجة لما يشبه عملية تدمير مبنى متهالك وقديم، كتلك التي تبثها البرامج الوثائقية عن تدمير المباني الضخمة غير الصالحة للبقاء ولا للاستمرار، لا بد إذن من ربط متفجرات منتاسقة بعناية في أجزاء ذلك المبنى الضخم، ليس لتخريبه أو نسف أجزاء منه، بل لمساعدته على الانهيار، لأن كل عوامل الانهيار توفرت بالكامل، هذا هو واقع التحرك العسكري المنتظر والضروري في هذه الفترة، التدخل لا من أجل إسقاط النظام السوري، بل من أجل إدارة ذلك السقوط، وتجميع الأشلاء ومنع الارتدادات المحتملة، ليتبع ذلك تجريف المكان وكنسه وإعادة بنائه.

هنا تقع المسؤولية على الدول الإقليمية: السعودية والأردن وتركيا، ومؤخرا مصر إذا ما استوعب نظامها أهمية التخلص من أدبيات الأناشيد الحماسية في الملاعب والانضمام الصادق والنزيه للقوى المؤثرة والفاعلة في المنطقة والمؤمنة بضرورة التخلص من هذا الواقع.. تلك المسؤولية تفرض بالفعل القيام بعملية التفجير الضرورية واللازمة الآن، وإلا خرج التأثير من أيدي هذه الدول، ليقع لا في أيدي دول أخرى، بل في أيدي جماعات متطرفة على رأسها حزب الله وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة.

غدا بعد أن ينتهي تفجير هذا المبنى المتهالك، وبعد أن يتم تنظيف المكان من ركامه، سوف تبدأ المنطقة في ترتيب أولوياتها، وسوف تبدأ تركيا في الإذعان لفكرة أن التنافس على موقع عراب الربيع فيه كثير من المجازفة والسطحية أحيانا. وبعد تفجير المبنى سيسعى لبنان لإعادة تعريف ذاته داخليا ثم إقليميا، والخروج من الدولة المنكسرة تحت سيطرة حامل البارودة غير النظامي إلى الدولة التي يمكن لها أن تبني كيانا جديدا.

قبل تفجير المبنى يجب أن يتم تنبيه الجيران جيدا، السقوط سيكون مدويا جدا، وقد يتصاعد الغبار عاليا لكنه سوف يختفي، وتبدأ عملية إعادة إنشاء مبنى جديد.