في البداية أود أن أعتذر لصحيفة "الوطن" وقرائها عن أنني لم أكن بالقوة التي يتوقعها البعض، ثانيا أود أن أشكر داود الشريان على حلقة يوم الأربعاء "توحديون مبدعون"، التي استضاف فيها عبدالرحمن الخالدي، وأحمد الصغير والملهمة منيرة المحيش، ولمن لم يشاهد الحلقة، فعبد الرحمن يمتلك موهبة خارقة في حفظ القرآن الكريم وتلاوته بصوت عدد من المشايخ مثل: محمد الطبلاوي، وفارس عباد، وعبدالباسط عبدالصمد. ولم يكتف بذلك بل إنه يحفظ أرقام الصفحات لكل آية، فهو يستطيع أن يحدد ما يوجد بالصفحة تماما، وما عليك إلا أن تذكر له رقم الصفحة وهو يقول لك ما تحتويه.

أما أحمد الصغير، فأستطيع أن أطلق عليه "ابن حوقل" السعودي، فهو جغرافي بامتياز، فبمجرد أن تذكر له اسم مدينة أو معلم، فإنه يسرد لك جميع المعلومات الجغرافية الخاصة بهذا المكان.

وأخيرا وليس آخرا منيرة المحيش، التي ألفت قصة النجمة الخماسية عندما كانت تبلغ 13 عاما، وتجيد التحدث باللغة العربية الفصحى بطلاقة، كما أنها رسامة ومتحدثة رائعة، وإضافة إلى كل ما سبق، فهي إنسانة ملهمة ذات طاقة إيجابية يمكن أن تصل إليك عبر القارات كما وصلتني طاقتها. رأيت منيرة وأنا في قمة التعب الجسدي والإحباط النفسي، فبعثت في نفسي الرغبة في العمل، والإقبال على الحياة من جديد، شكرا منيرة لوجودك في وطني، فأنت الجانب المضيء في مجتمعي السعودي، الذي أفقدني بعضه قوتي في أول مواجهة حقيقية معه، المجتمع الذي كاد أن يفقدني الأمل، المجتمع الذي تشبع إحباطا، ولم يأخذ من منيرة ما ينير به حاضره ليشع به مستقبله.

ليس عيبا أو ضعفا أن يصاب الإنسان بالإحباط، فكل منا يحتاج أن يصيبه الإحباط من فترة إلى أخرى، كي يبدأ من جديد.. يبدأ أقوى. عندما يصيب الإنسان الإحباط فهو يقوم بما يشبه تسونامي للدماغ؛ ليلفظ ما بداخله من أفكار وحلول. مشكلتنا ليست مع الإحباط كحالة، لكنها مع الاستسلام للإحباط، فما فعله النبي مع الصحابة في غزوة حمراء الأسد، وهي غزوة بعد غزوة أحد مباشرة، مثال لعدم الاستسلام للإحباط، فعندما أمرهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالخروج لمحاربة المشركين وعدم الاستسلام للإحباط، نزل قوله تعالى في كتابه الكريم: "الذين استجابوا لله والر‌سول من بعد ما أصابهم القر‌ح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجرٌ‌ عظيمٌ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"، (آل عمران 172، 173).

ولنتمعن أيضا في كلامه سبحانه عز وجل لعباده الذين ارتكبوا ذنوبا: "ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر‌ الله يجد الله غفورً‌ا ر‌حيمًا" (النساء 110). ففي هذه الآية يعالج الرحمن الاستسلام للإحباط ويقول لعباده: لا تحبطوا من ذنب ما، حتى وإن تبت وعدت لهذا الذنب فهنالك دائما أمل.

إن على منيرة أن تقوم بدورات للسواد الأعظم في المجتمع السعودي؛ كي يكتسبوا مهارة مقاومة الإحباط.

كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول لشخصين يساعدانه على حمل بعض الأشياء، قال لهما في حديث صحيح: "لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما فإن الإنسان تلده أمه لا قشر عليه ثم يرزقه الله عز وجل".

لا أنسى أن أشكر والدة منيرة، التي زرعت فيها الرغبة في الحياة والأمل في المستقبل، كما قال الطغرائي في لامية العرب عن الأمل:

إن العلا حدثتني وهي صادقةٌ

فيما تحدث أن العز في النقل

لو أن في شرف المأوى بلوغ منى

لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل

أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً

والحظ عني بالجهال في شغل

لعله إن بدا فضلي ونقصهم

لعينه نام عنهم أو تنبه لي

أعلل النفس بالآمال أرقبها

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

لقد تحول بيت الشعر الشهير الأخير مثلا، بث القوة والعزيمة، وصبر الكثيرين على تصاريف الحياة وقسوتها، أما ما قالته منيرة المحيش في برنامج الثامنة: "إن الإعاقة ليست في الجسد وإنما بالقلب"، فسأردده دائما كلما تعب الجسد فأتعب الروح لأستمد منه الأمل والتفاؤل والقوة.