في حفل افتتاح مهرجان أبها امتلأت مدرجات الساحة الشعبية بالحضور، رجالا ونساء، حتى إنه لم يبق فيها موطن قدم، ولم يأت أولئك إلا من أجل دقائق من "فن"، وهنيهات من "فرح".
في المخيمات الدعوية التي تقدم الدعوة على أطباق الفرح، ولا تهدد الناس بالويل والثبور وعذاب القبور، ولا تصنف البشر إلى فريقين، غصت المواقع بالحضور من جميع الأعمار، وارتسمت على وجوههم علامات الفرح.
في العروض المسرحية الكوميدية التي شهدها ويشهدها مسرح الجمال والفن، المفتاحة، تزاحم عشاق الابتسامة من النساء والرجال على أبواب المسرح، وامتلأت مدرجاته بالحضور، ولم يحدث ما يشوه جماليات الفعل، مما يحذر منه البعض، وليس له في الواقع وجود، وما ذاك إلا لأن شبابنا يتأدبون كثيرا في حال وجود الثقة بهم، وفي ظل وجود أمهاتهم وأخواتهم من النساء، وتلك حقيقة أنا عليها من الشاهدين؛ ذلك أن الشاب السعودي يحب أن يظهر أمام المرأة في صورة "الجنتل" والمحترم، وهو كذلك، ما لم يشعر بالكبت.
في عروض الفيلم القصير، هيفاء، الذي يُعرض خمس مرات يوميا في قاعة السينما بالمفتاحة، امتلأت القاعة بالبشر في كل عرض، مما يعني وجود شغف مجتمعي بالترفيه في قوالبه كلها.
في كل مكان يقدم البهجة والترفيه، تجد الشوارع تسيل بآلاف الباحثين عن الفرح والابتسامة والسعادة، مما يعني أننا مجتمع محب للحياة، ومقبل على الجمال، وقادر ـ بعفوية ـ على تجاوز ما تراكم في أذهانٍ قليلة من أننا مجتمع منغلق، بل وقادر على كسر حواجز "ثقافة الحذر" التي حرمته من أن يكون مجتمعا طبيعياً يسير في دروب الحياة، كما أراد الله له أن يسير. إن ما حدث ويحدث في مهرجان أبها لهذا العام، دليل ناصع على وجود جوع جمالي، وإن من البر بالمواطن والوطن أن يعمل الجميع على إشباع الرغبة المجتمعية في الجمال والحب والسلام، ليبقى أهلنا بيننا، ويبقى مالنا في وطننا.