وإن نفت وزارة المالية صحة خبر صرف راتب شهرين لموظفي الدولة، أو زيادة مرتباتهم، فمع وجود الوفرة المالية والخير الذي أنعم الله به على دولتنا في السنوات الأخيرة، حتى بات الفائض من الميزانية العامة يسجل أرقاما كانت ذات يوم هي الميزانية العامة للدولة، أظن أن إراحة المواطنين وإسعادهم بشكل مباشر عبر إفادتهم من هذا الخير يمكن أن يتم ليس فقط من خلال المطالبة بين فترة وأخرى بزيادة رواتب موظفي الدولة، بل من خلال تخفيف أعباء المعيشة المتمثلة في حجم الفواتير والالتزامات المالية العديدة التي بات يدفعها المواطن شهريا حتى لم يعد للراتب الشهري لذوي الدخل المتوسط أي قيمة، فكيف بحال ذوي الدخل المحدود.
كان العديد من الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين مجانية أو بأسعار رمزية، وعندما بدأت الميزانية في منتصف الثمانينيات تسجل عجزا إثر انخفاض أسعار النفط أصبحت معظم تلك الخدمات لها فواتير، وبعض هذه الفواتير ارتفعت بشكل كبير وبعضها ظل يرتفع بين فترة وأخرى، ومن المعلوم أن ما يرتفع سعره، في الغالب لا يعود لينخفض، فضلا عن أن مستوى المعيشة أيضا ارتفع، وفي المقابل لم يعادل هذا الارتفاع ارتفاعا مماثلا في الدخل.
وفي ظني أن أي توجه أو مبادرة نحو تحسين وضع دخل المواطنين ينبغي أن تستهدف بالدرجة الأولى تقليص النفقات التي تضغط على المواطن، ومن تلك النفقات قيمة الفواتير المباشرة التي يدفعها المواطن في نهاية كل شهر سواء للكهرباء أو الماء أو البنزين أو الغاز أو ما يدفعه نظير كل خدمة يحتاجها، مما سبق أن قلت أنها كانت ذات يوم مجانية أو بأسعار رمزية ولم تعد كذلك هي الآن، وبالتالي يمكن الآن إلغاؤها وجعلها مجانية أو أن تكون بأسعار رمزية.
وحتما، فإن فوائد تقليص حجم المصروفات التي يدفعها المواطن من خلال تلك الفواتير الشهرية المباشرة وغير المباشرة ستنسحب على جميع المواطنين سواء كانوا من موظفي الدولة أو موظفي القطاع الخاص، بل ستنعكس على كل أفراد الأسرة إذ سيكون للراتب الشهري قيمة وبركة، وسيكون فيه ما يكفي إلى نهاية الشهر القادم بدلا من أن ينتهي بعد الأسبوع الأول من بداية كل شهر.
وفرة المال والخير التي أنعم الله بها علينا، وحرص الدولة المعلن دائما على رفاهية المواطن وإدخال السرور إليه يدفعاننا إلى التفاؤل وبقوة إلى أن مثل هذه الأمنيات والأفكار محل اهتمام الدولة، ولا يمكن استبعاد تحقيقها، فبمثل ما استوعب وتفهم المواطنون دوافع فرض رسوم جديدة وزيادة رسوم بعض الخدمات والفواتير بسبب الوضع الاقتصادي الذي مر علينا في فترة ما، فإنهم يأملون في إعادة النظر في تلك الرسوم عبر إلغائها أو خفضها.