نسمع دائما عن أهمية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في تنمية الاقتصاد الوطني، وتوفير الكثير من مناحي الحياة الكريمة للمواطن والمقيم، مثل الوظائف والخدمات والمنتجات المختلفة الضرورية منها والكمالية.
وقد اختلفت الآراء وتنوعت الأفكار والاقتراحات والنظم والقوانين، منها ما نجح في تحويل هذا القطاع الذي يملكه ويديره المواطن إلى عنصر رئيس داعم لقوة الدولة اقتصاديا، كما نشاهد في الدول الصناعية المتقدمة، ومنها ما بقي مجرد تنظير على ورق وجموع من المرافقين في الوفود التجارية بين الدول، تمضي في الطابور دون تأثير حقيقي على مصير الوطن والمواطن.
إن كانت بعض الدول لم تنجح كثيرا في تحويل القطاع الخاص لعنصر فاعل حقيقي في مسيرة التطور الاقتصادي، فليكن لهذا القطاع دور أكبر في الدعم الاجتماعي والتكامل التنموي، مع ما تقوم به الدولة في مسعاها لتوفير السكن المناسب والمعيشة الكريمة للمواطن البسيط.
في زيارة سريعة لإحدى الدول الخليجية، اطلعت على مجهود تكاملي جميل جدا، قام به القطاع الخاص المحلي والأجنبي مع الدولة، في مجال تنمية السياحة في المناطق النائية والمحميات الطبيعية، إذ قام القطاع الخاص بالمساهمة ماليا مع الدولة في تحويل قرية للصيادين متاخمة لمنتجع سياحي راق تملكه إلى قرية حضارية جميلة، من حيث الشكل والتكوين التنموي من بناء مدرسة لأبناء القرية ومسجد وملعب للأطفال مع تناسق معماري تراثي واحد، يعطي للزائر والمقيم شعورا بالترابط بين منطقة سياحية للعابرين ومنطقة سكنية للمقيمين.
بعيدا عن الخطط العلمية المدروسة والدراسات الاقتصادية الخمسية واجتماعات اللجان المتعددة، بإمكان كل من هيئة السياحة والآثار ووزارة الإسكان ووزارة المالية ووزارة التجارة أن تعمل على وضع تسهيلات للقطاع الخاص في الاستثمار السياحي في المناطق البحرية العذراء في المملكة من "الوجه" شمالا إلى "جازان" جنوبا، وذلك من أجل تحويل تلك المناطق التي تتوفر فيها كل مقومات الطبيعة الرائعة إلى جنة سياحية، يمكن لها أن تجتذب السائح الداخلي والخارجي في مقابل قيام القطاع الخاص المستثمر بتمويل جزء من إعادة تأهيل القرى والمناطق النائية المحيطة بتلك المشاريع؛ كي تحولها مع الوقت لمناطق حضارية متكاملة ومنتجة ذاتيا في ذات الوقت، ومستوعبة لأبنائها وظيفيا وحياتيا.