كانت هتافات الفرح بفوز أستاذ الهندسة الدكتور محمد مرسي – قبل عام في انتخابات الرئاسة المصرية كأول رئيس مدني منتخب – تصدر من ذات المكان الذي شهد هتافات الفرح بإعلان عزله أول من أمس.

وما بين الهتافين، عاش مرسي، المرشح من قبل 13 مليون مصري من أصل 25 مليون، أياماً صعبة بين تطلعات المؤيدين، وترصد المعارضين.

وصل مرسي لسدة الرئاسة في ظروف استثنائية غير معتادة، ليتحمل أعباء تركة الـ30 عاماً من الفساد وإفرازاته، ويواجه تحديات مرحلة جديدة ومختلفة، محاطاً بمناوئين أدهى وأقوى بمراحل من الموالين.

أمام كل تلك الأعباء، بدأ الرئيس الجديد خطواته بإصرار ومثالية لا تتناسب مع المرحلة، ولا تتجاوز حبائل الدهاء السياسي، وشراك المتربصين به، فتكررت عثراته، التي تحولت لسلاح بيد الخصوم، ومادة في وسائل إعلامهم، التي استطاعت تأليب وتبديل قناعات قطاع كبير من الشارع المصري.

قصة مرسي، بملامحها العريضة، تشبه إلى حد بعيد قصة الرئيس التركي الإسلامي نجم الدين أربكان، الذي أطاح به الجيش التركي. لم يستوعب أربكان، خلال حكمه، متطلبات المرحلة، وتمادى في استفزاز الخصوم دون أي حساب لميزان القوى، واستعجل النتائج رغماً عن الواقع، مما سرّع في إسقاطه خلال عام حكمه الأول، كحال مرسي.

سقوط أربكان، الذي وصل للحكم عبر مشروع الإسلام السياسي، أوقف حزبه دون أن يوقف مسيرة المشروع، بل شكل ذلك وقوداً لمواصلته عبر أحزاب أخرى، تمكنت من الانتصار بعد أعوام من العراك السياسي الديموقراطي، بعد أن تجاوزت أخطاء السلف، وتصالحت مع الواقع الذي تعيشه، وأجادت مراعاة التوازنات السياسية.

أخيراً، نوعية الحراك الذي ستنتهجه القوى الإسلامية في مصر بكافة أطيافها خلال الأيام القادمة، وطريقة تعاطيها مع الوضع الجديد؛ سيحدد مستقبل مشروع الإسلام السياسي، وسيجيب بشكل أقرب للواقع عن السؤال أعلاه.