يبدو أن مرور عام كامل على التجربة الأولى لانتخاب مجالس إدارات الأندية الأدبية عن طريق جمعيات عمومية، لم يحقق النجاح المتوقع، مما دفع وزارة الثقافة والإعلام إلى تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد اللائحة، في ظل اعترافها بوجود "ثغرات" في اللائحة المطبقة، أفرزت تشكيل جمعيات عمومية قد لا يمثل بعض أعضائها الأدباء على وجه الخصوص، وهو ما يبدو أن الصيغة الجديدة للائحة تحاول تلافيه و"سد هذه الثغرات".
وعلى الرغم من التكتم الشديد الذي تفرضه وزارة الثقافة والإعلام على ماهية التعديلات التي ستطال اللائحة، إلا أن معلومات مسربة متداولة بين عدد من المهتمين والمتابعين تشير إلى تعديلات جوهرية ستطال اللائحة، ليخرج من العضوية غير الأدباء، وقد تحول عضوياتهم إلى عضو مشارك لا يحق له التصويت ولا الترشح لمجلس الإدارة.
معظم الأندية الأدبية شهدت أخيرا عقد جمعياتها العمومية؛ لتقويم أداء مجالس الإدارات والتصويت على برامجها وميزانياتها للسنة الحالية، وحسابات السنة الماضية. وكان اللافت في معظم الجمعيات التي عقدت، هو الأعداد المنخفضة لأعضاء الجمعيات العمومية، إذا ما قورنت بمن كان مسجلا في المدة الأولى، كما حدث في أندية الطائف وأبها والباحة وتبوك وحائل.
في نادي نجران ما زال التسجيل للجمعية العمومية متواصلا منذ مطلع الأسبوع، وحسب معلومات أولية ـ حصلت عليها "الوطن" ـ لم يتعد عدد المسجلين حتى الآن العشرين، ويتبقى الأسبوع المقبل الذي سيحدد العدد النهائي للمسجلين والمجددين.
في أندية أخرى صراعات علنية بين أعداد معتبرة من الجمعيات العمومية ومجالس الإدارات، فنادي جازان مثلا وصل إلى مرحلة "الانفجار" بعد شد وجذب كبيرين بين عدد من أعضاء الجمعية ومجلس إدارة النادي من جهة، وأعضاء المجلس نفسه من جهة أخرى حتى أدى الأمر إلى استقالة رئيس النادي والمسؤول الإداري.
وفي الشرقية طالب عدد من أعضاء الجمعية وزارة الثقافة والإعلام، بإعادة انتخاب مجلس إدارة النادي بدلا من الاستمرار في تعيين أعضائه.
ومن تجربة طويلة في العمل الثقافي داخل الأندية من خلال نادي جدة الأدبي، يرى الناقد الدكتور حسن النعمي أن "واقع الجمعيات العمومية مؤسف جدا، إذ لم يكن الهدف من السعي نحو تطبيقها أن تظل خالية المعنى، مفرغة من دورها المأمول". ويضيف النعمي
لـ"الوطن": "الجمعيات العمومية بهذه الطريقة مجرد تجمع سطحي فارغ المحتوى، إذ إن دورهم يقتصر على تلبية دعوة الوزارة للانعقاد وإقرار برامج معلبة وإبراء الذمة المالية لمجالس الإدارات بشكل تغلب عليه المجاملة". ويكشف النعمي عن تجربة شخصية في هذا الإطار، قائلا: "حضرت الدورة الأولى في العام الماضي، واكتشفت عدم الجدوى فانسحبت من الجمعية العمومية، ولا أرى أملا في قيام الجمعيات بدروها إلا بإعادة صياغة مفهومها ودورها. وبطيعة الحال الخلل يبدأ من اللائحة التي همشت الجمعيات العمومية وجعلت دورها صوريا".
ويطرح النعمي رؤيته حول تطوير أداء هذه الجمعيات بالقول: "كي تنهض الجمعيات العمومية بدورها، يجب أن تمكن من العمل بوصفها جهة رقابية مباشرة على أعمال مجالس إدارات الأندية الأدبية طوال العام، وذلك من خلال انتخاب رئيس لها وأعضاء مسؤوليتهم الدعوة لاجتماعات الجمعية العمومية، إقرار البرامج ومراقبة تنفيذها، مباشرة ومحاسبة مجالس الإدارات في كيفية إدارة الأندية. ما يحدث الآن أن الجمعية تقوم بدور المصادقة المتأخرة وإضفاء الشرعية على أعمال المجالس، دون أن يكون لها تأثير في صياغة العمل الثقافي. وكي تكون فعالة يجب أن يكون دورها واضحا ومقدما على مجالس الإدارات. وفوق ما يجري الآن تتمتع المجالس بسلطة أعلى من الجمعيات العمومية وهو ما لا يستقيم أبدا".
ويتفق إلى حد كبير عضو هيئة التدريس بجامعة نجران الدكتور زهير العمري، مع طرح النعمي إذ يقول: "الحقيقة أن دور الجمعيات العمومية سيظل معدوما ما دامت تتبع لمجالس الإدارات، ولذلك لا بد أن تحدث هذه الازدواجية والصراعات والخلافات، مما يقلل من حجم المناشط والفعاليات، ويتحول النادي إلى مسرح للصراعات، ويتفرغ الأعضاء لحل الخصومات الشخصية فيما بينهم". ويضيف "وبالنظر إلى ما قدمته الجمعيات العمومية خاصة في الأندية التي أسست حديثا نجده دون المأمول، ولا يتفق مع ما خطط لها، فهي إما تحضر في الأغلب للمصادقة على قرارات مجلس الإدارة دون المشاركة وإبداء الرأي، أو تقويم أداء مجلس الإدارة، ولا شك أن الجميعة العمومية القوية ستنتج مجلس إدارة قويا".
ويقترح العمري حلا "يكمن في فصل الجمعيات العمومية عن مجالس الإدارات، ويُفعل دورها وفق ما نصت عليه اللائحة الأساسية للأندية الأدبية".
ملفات ساخنة بجمعية أدبي مكة
مكة المكرمة: هاني قفاص
تناقش الجمعية العمومية لنادي مكة الأدبي مساء اليوم عددا من الملفات الساخنة وفي مقدمتها عرض تقرير مجلس الإدارة عن أعمال السنة المالية وبرامج الأنشطة لعام 2012، إضافة للمصادقة على الميزانية والحساب الختامي للسنة المالية المنتهية 2012، والمصادقة على مشروع الميزانية للعام المالي الجديد 2013، وخطط العام الجديد، وسيشهد الاجتماع تقديم اقتراحات الجمعية العمومية.
وكانت اللجنة المشرفة على الجمعية العمومية تواصلت مع جميع الأعضاء البالغ عددهم 127عضوا وعضوة عبر رسائل sms لدعوتهم لحضور الاجتماع.
من جانبهن عبر عدد من عضوات الجمعية العمومية لأدبي مكة عن تطلعاتهم لمشاركة أكبر للمرأة في الأنشطة للعام المقبل واستحواذها على مساحة جيدة من الحضور والمشاركة في كافة الفعاليات.
وقالت عضو الجمعية عواطف الحازمي "أتمنى تنظيم أنشطة قسم مختص للنساء بإدارة كاملة وخاصة فيه، إضافة لتأسيس قسم خاص للأطفال ودورات تعنى بالأدب الحجازي والمكي خصوصاً.."
وتؤكد عضوة الجمعية نادية خوندنة أن مشاركة المرأة في النادي فعالة، وهي ترجمة واقعية لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بإتاحة الفرصة للمرأة السعودية لإفادة المجتمع من قدراتها وطاقاتها العلمية والفكرية، لكنها تطالب في الوقت نفسه بإتاحة الفرصة للنساء من خلال طباعة الكتب للأديبات المكيات.
فيما انتقدت عضو الجمعية فاتن كعكي ضعف المساحة الممنوحة للمرأة قياسا بالرجل وقالت: "مشاركة المرأة في الجمعية العمومية قد تكون خطوة لإثبات جدارتها ونيل مكانتها، كما أن دخولها لعضوية مجلس الإدارة يعزز من مكانة المرأة وتستطيع العضوة نقل احتياجات العنصر النسائي، وتساءلت لكن هل ستحظى المرأة بحقوقها داخل مجلس المرأة أم أن العنصر الرجالي سيظل مسيطرا عليها؟!."