"انتبهوا من النفود وخذوا حذركم"، بهذه الكلمات كان أهالي "مركز قبة" بمنطقة القصيم يتواصون فيما بينهم قبل أكثر من ثلاثة عقود، لمن أراد منهم السفر إلى مدينة بريدة عند بعض المواقع في النفود الواقعة بين مركزي قبة وأبالورود، خشية أن يتعرضوا لمصائد الرمال التي قد تودي بحياتهم قبل أن يتم سفلتة الطريق، حينما كانت رحلة العناء وتكبد المشقة تبدأ من الصباح الباكر حتى قبيل العصر؛ بسبب الرمال الكثيفة التي أشبه ما تكون بالجبال الشاهقة.

وعلى الرغم من سفلتة المسافة التي يبلغ طولها 50 كلم، إلا أن الفرحة لم تدم طويلا، بعد أن تحول الحال إلى هاجس يؤرق سالكي الطريق، بسبب ازدحامه بالمركبات والحوادث المميتة التي وصلت لحد الظاهرة، لتعود التوصية القديمة من جديد بين الأهالي، رغم أنهم يسيرون بطريق مسفلت، وبمجرد الحديث عن الطرق التي تمر بمركز قبة سواء طريق "قبة - أبالورود" التابع لمحافظة الأسياح، أو طريق قبة سامودة التابع لمحافظة حفر الباطن إلا ويتبادر للذهن شبح الخوف والقلق؛ بسبب الحوادث المروعة التي راح ضحيتها عدد من أهالي المركز وبعض المسافرين.

ويرجع السكان كثرة الحوادث إلى عدم ازدواجية "طريق قبة - أبالورود" وطريق "قبة - سامودة"، وبات الأهالي يطلقون على الأول طريق الدم؛ نتيجة الحوادث المميتة التي أودت بحياة الكثير من الفئات العمرية المختلفة من الجنسين، كان آخرها الخميس الماضي لشاب وزوجته المعلمة، اللذين لقيا مصرعهما ودخول أربعة من الأبناء مستشفى الملك فهد التخصصي بعضهم بإصابات خطرة، وحمّل أهالي مركز قبة بمنطقة القصيم إدارة النقل بالمنطقة مسؤولية تلك الحوادث الأليمة، التي فقدت بها الكثير من الأسر أبناءها وبناتها بهذه المواقع نظرا لعدم ازدواجية هذه الطرق.

وأكد الأهالي أن مركز قبة يرتبط بطرق دولية تشهد حركة مرورية طوال العام، مما كان له يد في عدد من الحوادث، كون جميع الطرق التي تمر بالمركز تعمل بمسار واحد، مطالبين بصوت وحدة إدارة النقل بالمنطقة بضرورة ازدواجية الطريق للحفاظ على أرواح البشر.

ويقول المواطن صالح العلوي، من سكان قبة: إن الحوادث الأليمة التي تحدث بين الفينة والأخرى على طريق قبة ـ أبالورود، تحتاج إلى وقفة سريعة وجادة من قبل إدارة النقل في المنطقة؛ للحد منها بتنفيذ ازدواجية الطريق الذي تبلغ مسافته 50 كلم، مبينا أن إدارة النقل بمنطقة القصيم لا تخفى عليها هذه الحوادث، ولكنها تقف موقف المتفرج دون أن تحرك ساكنا.

وأضاف العلوي: إن إدارة النقل مطالبة بالوقوف على أرض الواقع على هذا الطريق، وأن الحل يكمن في ازدواجية الطريق، مشيرا إلى أنه بات يودع أبناءه في حال نوى السفر على هذا الطريق، أو عدم اصطحابهم معه خشية أن يتعرض لحادث برفقتهم.

ويتفق مع العلوي المواطن عبدالعزيز الحربي من سكان المركز، ويضيف أن فرحة الأهالي بطريق قبة ـ سامودة لم تكتمل بسبب الحوادث المرورية التي شهدها طوال السنوات الخمس الماضية وهو العمر الزمني له، مبينا أن عددا من الأهالي الذين فقدوا أبناءهم بحوادث مرورية على هذا الطريق، تمنوا لو أنه لم ينشأ أبدا طالما يزهق أرواح البشر بدم بارد.

ويبين الحربي أن الطريق شهد وفيات لأفراد وأسر عدة منذ افتتاحه، فما يلبث الأهالي أياما، وإلا يسمعون بحوداث ووفيات ويسيرون على جنائزهم، مضيفا أن الطريق يفتقر لوسائل السلامة من هلال أحمر وأمن طرق، فضلا عن مساره الواحد، داعيا إلى ازدواجيته للحد من تلك الحوادث.

ويقول أحد المتطوعين في مغسلة تجهيز الموتى بقبة ـ رفض الإفصاح عن اسمه ـ إنه قام بتجهيز أكثر من 30 جنازة خلال السنوات الخمس الماضية ناتجة عن الحوادث المرورية على طريق قبة ـ سامودة، فيما أكدت مصادر بمستشفى قبة العام، أنه باشر خلال سنة 119 حادثا مروريا نتج عنه إصابة 203 أشخاص، ووفاة 10 منهم.

ويضيف المصدر أن طريق "قبة - سامودة" شهد خلال 4 أشهر الماضية ثمانية حوادث نتج عنها إصابة 49 شخصا ووفاة خمسة آخرين، فيما شهد طريق "قبة - أبالورود" في المدة نفسها ثلاثة حوادث مرورية مروعة، نتج عنها إصابة سبعة أشخاص ووفاة أربعة منهم.

"الوطن" حاولت التواصل مع مدير إدارة النقل بمنطقة القصيم، المهندس أحمد العبداللطيف، لنقل معاناة مواطني مركز قبة، إلا أنها لم تتمكن من ذلك رغم الاتصالات المتكررة.