صحيح أن لدينا "حزمة" أمثال خاطئة شكلت في مجملها أنماطا اجتماعية مرفوضة حين أصبحت في أحوال عديدة مرجعية حاسمة للكثير من القضايا المختلفة حولها، إلا أننا على الجانب الآخر نملك حزمة مماثلة لأمثال أخرى تصلح جدا لأن تكون سلوك حياة ومادة تربوية صالحة للاستخدام في حصص المدارس.
خذوا لديكم هذا المثل الذي ينتمي للحزمة الرديئة الأولى: "جلد مو جلدك جره على الشوك"! وهو المثل الذي يشرعن بشكل قبيح كل حالات العبث التى تمارس على الممتلكات العامة، المثل الذي يستشهد به عادة للتخلص من تأنيب الضمير -إن وجد- بعد عملية تعد سافر على إحدى خاصيات الغير أياً كانت، وجرها نحو الخراب بضمير مرتاح.. هذا المثل الذي يساورني شك كبير أن قائله ابتكره لأول مرة وهو يمارس هوايته في التعدي على أرض حكومية كانت في الأصل حديقة لعموم السكان، اكتشفه وهو ينهي اجتماعه مع شيطانه الذي أغراه بفكرة التعدي تلك، ثم أقنعه أن لا ضير في أن تصبح مواقف لسياراته وسيارات أبنائه، ثم في فترة متقدمة من الاقتناع بالمثل السابق ضم المواقف لفناء منزله بعد أن اكتشف أن "الرقيب" يعاني متلازمة النوم لسنوات عديدة!
على الجانب الآخر: ماذا لو تربى الشخص السابق على "من أمن العقوبة أساء الأدب"؟ كيف لو فهم أن ما قام به ليس سوى "سوء أدب"؟ ماذا لو عرف أن ما فعله لا يعدو كونه "إساءة" لمجتمعه الصغير والكبير أيضا؟ ماذا لو علم أن غياب الرقيب هو فقط ما أكسبه تلك الجرأة؟ كيف لو أدرك أن العقوبة ستكون قريبة منه وأن عين الرقيب ستكون حاضرة مع أول وهلة تعدّ؟ ماذا لو سمع عقوبة مغلظة لمن يشاركونه ذات الهواية؟ حينها، هل ستتحول الحديقة لمواقف داخل فناء منزله؟!
بين مثلين نصبح بين "سارق" و"نزيه"، بين "مستغل لغياب العقاب" و"مدرك لأهمية تفعيل العقوبات"، بين مطالب لحديقة يستمتع بها أبناء الحي وبين آخر يتحين الفرصة المواتية لضمها لفناء منزله حتى تستمتع بها سياراته!