حاول الكاتب المسرحي البريطاني أوسكار وايلد، فك رموز العلاقة بين الحياة والفن، ليخرج بمقولة شهيرة: "الحياة تقلد الفن بمراحل أكبر من أن يقلد الفن الحياة".

لربما هو قول أقرب إلى الصحة، وليس كما يعتقد الناس، فالفن مزيج من الواقع والخيال، الحياة ليست إلا واقعا، وحين نسقط خيال الفن على واقع الحياة، نخلق حياة جديدة يقلدها الواقع لاحقا.

الفن أولا، وهنا مكمن خطورته، إنه دائما في المقدمة، وكلما اتسعت رقعة الفن في بلاد ما، كلما ارتفع الإبداع المرتبط ارتباطا كليا بالخيال في واقع الحياة وأيضا القدرة على التخيل والخلق.

الحروب والأحداث العظيمة نسجت فنا روائيا أو قصصيا في رؤوس المبدعين ثم تحول بعضها إلى وقائع عاشتها البشرية أو جزء منها، لكنها كانت مجرد خيالات ترجمت إلى أفكار ثم كتبت ومثلت عبر شخصيات وضعت لهذا الغرض، للفن.

كتابة مثل هذا الخيال لا يحدث إلا في مجتمعات تحترم الفن وأمم تقدمه على أي شيء آخر وتجعل منه أداة لصنع المستقبل الذي تريد لها ولأبنائها، لا لتقليد الحياة التي هي موجودة أصلا.

دول يوغسلافيا المفككة انتبهت أخيرا إلى حجم العداء بين أبناء كل بلد بعد حروبها الطاحنة، فقررت أخيرا أن تعرض مسلسلا دراميا يشارك به شبان من كل بلد ويقدمون فيه رسالة مفادها أن الحياة حب وانسجام ولن يدفع الأبناء ثمن خطأ الكبار.

في هذه الحالة/ اليوغسلافيون صنعوا السلام بين الأجيال في خيالهم أولا، ثم حولوه إلى فن والفن مهمته الأولى التأثير على واقع الحياة، وبالتالي سيقلد الشباب الفن ولو بشكل غير مقصود وسيتلاشى العداء بينهم شيئا فشيئا فشيئا.