"تؤكد الدراسات أنه لو كان بالإمكان وضع التطوع في حبة دواء لكانت الأكثر مبيعا، إذ إنه يزيد الإنسان سعادة وصحة عمرا، ويؤكد الباحثون أن الأشخاص الذين يعملون بإخلاص لمنفعة الآخرين وخدمتهم دون مقابل يشعرون بالسعادة الغامرة والصحة حتى إن فترة حياتهم تصبح أطول بمشيئة الله تعالى".

تذكرت السطور السابقة وأنا أشاهد يوم الخميس الماضي مجموعة من الشباب من نادي "عيش شبابي" التطوعي بالمنطقة الشرقية، وهم يستمتعون بتجهيز السلة الرمضانية لتوزيعها على الأسر المحتاجة في مدن وقرى المنطقة الشرقية، وبحسب ما أفادني أحد الفاعلين من فريق "عيش شبابي" فإن القائمة التي يسعون إلى تزويدها بالسلة الغذائية الرمضانية تتضمن أكثر من ثلاثة آلاف أسرة.

مكان جمع وتجهيز هذه السلال بالمصادفة كان بالقرب من منزلي ولهذا وقفت شاهدا على ما ورد في تلك الدراسة عن المتطوعين، فقد شاهدت شبابا يعمل بروح غير تقليدية في درجة حرارة تقارب الخمسين مصحوبة برطوبة خانقة وفي فترة صوم.

هذا العمل الجبار القائم على التطوع وهذا الإخلاص اللافت، وهذا الحماس الكبير تمنيت أن تقوم به وزارة الشؤون الاجتماعية التي أزعم أنها لو عملت بنفس الروح الذي تعمل به الجمعيات والأندية التطوعية وبنفس الإخلاص والحماس، لما ظلت أرقام الأسر المحتاجة كما هي عليه إن لم تكن تزداد بدلا من أن تتناقص من عام إلى عام، فقد سمعت أحد المتطوعين يقول منذ ست سنوات وحال من نزورهم ونقدم لهم المساعدات على ما هو عليه، لست أدرى ما إذا كان ما تخصصه الدولة من اعتمادات مالية وعينية لمساعدة المحتاجين يكفي أم لا، ولكنني أميل إلى أن الدولة لم ولن تبخل على هذه الفئة، وبالتالي فإن الخلل يكمن ـ فيما أظن ـ في الاستراتيجيات ومن ثم في الآليات المتبعة لمعالجة وضع هذه الفئات بهدف التقليص من أعدادها وتحسين واقعها، فجل الجهات التنفيذية تمارس عملها وهي مفتقدة لما تحويه تلك الكبسولة المفترضة التي تحدثت عنها الدراسة، ولهذا أتمنى أن يعاد النظر في بعض العاملين في وزارة الشؤون الاجتماعية مهما كبرت مناصبهم، وأن تسند بعض المهام المتعلقة بالفقراء والمحتاجين للمتطوعين الذين لديهم دوافع عمل وإخلاص وحماس وحوافز تختلف كليا عما لدى الموظف الحكومي التقليدي، وأن تكون مثل هذه الخطوة موقتة إلى أن تتوافر تلك الكبسولة في الأسواق ومن ثم تعطى بشكل إجبارى لكل العاملين في وزارة الشؤون الاجتماعية!