" الحياة الأسرية تشارك" ..، "شاركي أخوتك في مصروف البيت"..، "الهدية التي تقدمينها لغيرك يجب أن تكون مميزة وباهظة الثمن، كونك موظفة.."

لم تكن تلك العبارات من النصوص التلفزيونية أو برامج الواقع، بقدر ما هي عبارات وجمل تتردد باستمرار على المعلمة "سامية" حيث تقول: "أنت موظفة".. عبارة أفقدتني القدرة على الراحة والنوم الهادئ، فكل ضائقة مالية تمر بالأسرة أنا من يشار إليها بالبنان، وعلى النقيض من ذلك شقيقتي الكبرى، والتي أجدها غير ما أنا عليه من حالة التوتر والاضطراب، فضلا عن كونها لا تكترث للأمر، وكأن شيئا لم يكن، وجل ما يشغل بالها الاهتمام بهندامها، وجدول الزيارات العائلية برفقة والدتي".

وتابعت: "أفتقر تماما لما هي فيه، أقلها الراحة التي تنعم بها، وتنصلها من المسؤولية، فلا نظرات توجه إليها في آخر الشهر، ولا مسئوليات مالية تسند إليها"، "سامية" تتمنى أن تكون كغيرها من النساء تلبي حاجاتها ومتطلباتها دونما أية ضغوط.

من جانبها أكدت المعلمة "نوال" أن "كثيرات من النساء غير العاملات يحسدن الموظفات، كونهن يحصلن على الراتب الذي يصرف لهن في آخر كل شهر، ولا تعلم أولئك النسوة ما نمر به من ضغوط ومشاكل مالية، سواء المتزوجات منّا أو غيرهن".

وتقول آمنة العنزي التي تعمل ممرضة: "كثيرا ما نواجه ضغوطات مادية، ونشاطر غيرنا في تحملها، ونخوض في تفاصيلها التي تعيق حياتنا، فلا نستطيع الفكاك منها، فنحن الموظفات كالرجال في تحمل المسؤوليات، وجبلنا على ذلك، ولكل منا طريقتها في مواجهة أعباء الحياة".

وأضافت قائلة: "من لا يعملن يعشن الحياة بكل تفاصيلها، فالزيارات للأقارب لا تنتهي، فضلا عن الرعاية الكاملة للأسرة، والأهم من ذلك كله أن المرأة غير العاملة لا يمكن أن تكون كالموظفة في تحمل الأعباء المالية، ولا توجه لها العبارة المعتادة من المقربين، وهي "أنت موظفة وتستطيعين ذلك" تلك الكلمة التي أصبحت أكثر ما يؤرقني، ومدعاة للعديد من الاضطرابات التي أعيشها، بينما المحيطون بي يعتقدون بأن الوظيفة تقدم لي خزينة من المال، كلما احتجت غرفت منها بالمقدار الذي أرغب".

من جانبها أكدت أخصائية الإرشاد النفسي مريم العنزي أن "نظرة الأسرة والمجتمع للموظفة تختلف عن النظرة لغيرها، وهذا ما يجعلها عرضة لتحمل الأعباء، حيث تتحمل عن العائلة بعض المسؤوليات المادية، يحدث ذلك سواء كانت متزوجة أم غير ذلك".

ومن الجانب النفسي قالت :إن "المرأة بطبيعتها أكثر تأثرا بالضغوط النفسية الناجمة عن الأعباء المادية، خاصة في حال كانت موظفة، وهذا الوضع يحملها أعباء تفوق طاقاتها، وقد ينعكس ذلك على علاقاتها بالآخرين من جانب، وعلى صحتها الجسدية من جانب آخر". وأوضحت العنزي بأنه في حال عدم تفهم المحيطين بالموظفة للمسؤوليات الملقاة على عاتقها سيؤثر ذلك عليها سلبا وبشكل كبير، وقد تتكالب عليها بعض الأفكار السوداوية، كأن تتمنى لو كانت كغيرها من غير الموظفات اللائي يجلسن في المنازل، ويتمتعن بكامل الحقوق، مشيرة إلى أن في هذه المقارنات يكمن الخطر النفسي الذي قد يخيم على حياتها، فتصبح أكثر ميلا للعدوانية والعنف في النقاش مع من يحيطون بها.