وحدها الضحكة تخرج من شفتي "يحيى الفيفي" المبتسم دائما، فالحروف غائبة عن فمه منذ أن أبصر الحياة قبل 29 عاماً، ليجد نفسه في أحضان والدته التي انفصلت عن والده الغائب في مدينة أخرى.

بالأمس، بدأ الأصم يحيى الفيفي أكثر فرحاً، وهو يوزع قطع "الجاتوه" في حفل عقد قرانه، لينتهي به الفرح إلى الرقص دون موسيقى، لأنه لا يسمعها أصلاً.

وأوضح يحيى لـ "الوطن" بمساعدة قريبه حسين الفيفي الذي ترجم إشاراته، أنه سعيد جداً بتمكنه من الزواج رغم حالته، مؤكداً أنه سيقتني جهاز "تلفزيون" في منزله الذي يحاول تجهيزه الآن، مبينا أنه سيكتفي وزوجته بمطالعة الشاشة، فالصوت لن يعيقه عن رحلة الكفاح.

يعيش يحيى في منزل "شعبي" بحي الخالدية بتبوك، مع والدته وإخوته الخمسة؛ فيما توقف تعليمه في منتصف المرحلة الابتدائية، ولم يستطع الحصول على أي عمل، على الرغم من بحثه المضني في كل الاتجاهات. ويشرح ضاحكاً كيف تسبب عبثه بدائرة كهربائية في المعهد المهني قبل أعوام في تخليه عن استكمال التدريب، بعد أن تسبب في انفجارها.

تلاشت الابتسامة عن شفتي يحيى، الذي يتقاضى إعانة 1800 ريال من التأهيل الشامل، عندما بدأ يشرح طريقة جمعه مهر زوجته (25 ألف ريال)، مشيراً إلى أن والدته اضطرت إلى الاستدانة لذلك، فيما تساءل حسين: "من يساعد أصحاب الإعاقات ليكملوا حياتهم؟".

"الوطن" نقلت حالة يحيى إلى مدير التأهيل الشامل بتبوك أسعد أبوهاشم، فأكد عدم وجود مخصصات مالية للزواج، إلا أنه استدرك قائلاً: "سنقف معه مثلما نقف مع كل أبنائنا المعاقين ونخاطب الجهات الخيرية لدعمه، وسنحرص على توظيفه عبر تعاوننا مع القطاع الخاص"، مؤكداً أن وزارة الشـؤون الاجتماعية تقدم برامج تأهيل مهني للمعاقين وتمنحهم "شهادة تأهيل مهني" معتمدة للتوظيف من الخدمة المدنية، مع منح المعاق مكافأة خلال فترة التدريب لمدة 10 أشهر. وأكد أبو هاشم، أن توجيهات وزير الشؤون الاجتمـاعية اخـتصرت وقت منح الأجهزة للمعاقين مثل السماعات الطبية، إلى أسبوع واحد بعد أن كان يستغرق شهوراً.