هما مشروعان حافلان بأنهر خير وعطاء، الأفكار فيهما حضرت وأبرزت توعيةً اجتماعيةً نحو الشراكة الأنيقة في دول الابتعاث، تحسس مبتعثونا الرسالة، لامسوها وعادت بهم إلى مناص الأماني وتحقيقها للوصول إلى خارطة "ماليزيا"، وحلمٌ هناك يمتد بهم إلى تشريف وتحقيق طموحات وتطلعات دين ووطن.
المشروع الأول، "كلنا إخوانكم".. قصة خيرية وطنية برؤية إبداعية وفكر متطور في مجال العمل الخيري في دول الابتعاث، انطلق من العاصمة الماليزية لينبض بالإنسانية لجمع الملابس والشنط والألعاب المستعملة والجديدة وتقديمها للأطفال الأيتام والفقراء في مدينة كوالالمبور، رسالته "ملابسي وألعابي الزائدة والجديدة هديتي لك، وغايته رسم البهجة وإسعاد أيتام كوالالمبور".
قصة هذا العمل بدأت بتأسيسٍ منهجي خرج من رحم ورشة عملٍ قُدمت لنخبة من مبتعثي ماليزيا لـ"تطوير العمل الثقافي والاجتماعي في نادي الطلبة السعوديين في كوالالمبور"، قام بتطويره والإشراف عليه ميدانياً إدارة النادي وأعضائه وشارك فيه مئات المتطوعين من الشباب والشابات من مبتعثينا في كوالالمبور.
بدأ المشروع بكل أدوات القيادة ومنهجيتها، ومراحله سبقت الشروع في تنفيذ العمل، وُزِعَ المتطوعين إلى مجموعات بروح فريق عمل واحد، فكانت آلية الاستقبال في مقر النادي أيام اللقاء الأسبوعي وخلال المناسبات والأنشطة التي يقدمها النادي، وفريق آخر انطلق لاختيار المواقع ذات الكثافة العالية من الطلاب السعوديين، إلى مجمعاتهم السكنية التي يقطنونها لاستقبال الملابس والشنط والألعاب وجمعها والتأكد من أنها سليمة وصالحة للاستعمال، والمرحلة الثانية غسيل الملابس وترتيب الهدايا وتغليفها، والمرحلة الثالثة تتمثل في استضافة الأطفال اليتامى عبر أكبر جمعيتين ماليزيتين للأيتام في مقر النادي وإقامة حفل خاص بهم وتوزيع العينات المذكورة لهم مع تقديم هدايا وعيديات خاصة بهم من إدارة النادي.
كان شعارهم: "إن مما تمليه علينا دواعي الإنسانية، والفطرة السليمة الخيرة وديننا المبني على التراحم والتكافل والتواد حيثما نكون.. يأتي دور نادي الطلبة السعودي في كوالالمبور بتمثيل المملكة العربية السعودية منبع الرسالة الإسلامية لرعاية الأيتام والفقراء"، وبصوت نقيّ هادئ: "سعيدون لزرع ابتسامة عيد وفرح على بهجة كل يتيم".
أما المشروع الثاني، فقد ضرب فيه مبتعثونا في مدينتي بينيغ وقدح مثالاً جميلاً في التلاحم الاجتماعي والخيري في دولة الابتعاث، حيث قدموا "الوجبة العربية" كمشروع إفطار للصائمين من الطلبة المغتربين من مختلف دول العالم.
تم الإعلان عن المشروع وأنهمرت مشاركات ودعم مبتعثينا، تهافت الجميع دعماً إنسانياً أنيقاً، كان فريق العمل خلية نحل من الطهر والخير نحو اليسر والبهجة، بدأ المشروع من أول يوم في شهر الخير ليستفيد منه كثير من الطلبة المغتربين من مختلف دول العالم من أفريقيا وغيرها من أبناء الدول العربية، بالإضافة إلى طلاب إندونيسيا وباكستان والهند وبنغلاديش وغيرهم، ليتهافت الصائمون على أكثر من 150 وجبة يومية يقدمها المشروع الذي تمتد فيه الطوابير حتى انتهاء الوجبات المقدمة في نصف الساعة الأول من بدء عرضها على الصائمين، والمحصلة وجبة إفطار ومشاركة وتخفيف ألم الحاجة والغربة وملء القلوب بهجةً وسمواً.
تلك المشاهد المدنية الأنيقة (الكريمة) رسمتها وأنتجتها وأخرجتها سواعد نمورنا السعوديين في ماليزيا، وكانت كفيلة بزرع البسمة على شفاه الأيتام والفقراء والمغتربين في شهرنا الكريم وعيدنا المبارك، صنعوا فيها النجاح وصناعة الحياة بمهنية نحو زرع قيم العمل الإنساني (الإبداعي) وسبر أغوار جوانب من ترسيخ ثقافة المشاركة و(الابتكار) والتعبير بمشاعر الخير والتمثيل المشرف.
باختصار؛ مبتعثونا نماذج مضيئة بدينها ووطنيتها وعلمها عطاءً وسلوكاً، رسموا جزءاً من إبداعهم في ماليزيا فحق لنا الفخر بهم كملحمةً أنيقةً وثمرة يانعة لبرنامج الابتعاث.
ومن درسي مبتعثي ماليزيا نجزم كذلك أن ما سبق ليس آخراً في مسلسل "الابتعاث".. لأنه رواية نجاح برنامجٍ معرفي فكري يلقى بظلاله نحو قارات العالم ودولها تزاوجاً ليحقق به حلم شبابنا وطموح قيادتنا ومستقبل وطننا، ولاعزاء لغير ذلك!