وقبل النقاش في تفاصيل العنوان بعاليه، دعونا نقرأ هذه الأرقام التي نشرتها (دورية إدارة المشاريع الأميركية)، وهي دورية أكاديمية رصينة متخصصة في نشر الأبحاث العلمية لأساتذة هذا التخصص. هي نفسها ذات (الدورية) التي اختارت مبنى الجمرات في منى من قبل كأكبر كتلة خرسانية متصلة على وجه الأرض متخطية مبنى (الإمباير ستيت) الذي ظل لخمسة عقود على رأس القائمة. ففي عدد مايو الماضي، اختارت هذه الدورية (مربع) المنطقة المركزية للحرم المكي الشريف للحقائق التالية: في هذا الكيلومتر المربع تكمن أعلى نقطة صرف مالي على المشاريع، وفي كيلومتر مربع، من كل تاريخ العمارة البشرية. يستقطب هذا الحيز الصغير في ورديات العمل باليوم الواحد ما يزيد عن نصف مليون عامل في خمس قارات من العالم وبالتوزيع ما بين اليد العاملة المباشرة في المكان إلى آلاف الموارد البشرية العاملة في التصنيع والإمدادات اللوجستية. في هذا الكيلومتر مربع أيضاً ترتفع أعلى أرقام الرافعات الصفراء فوق أي مساحة على وجه الأرض بحجم خرساني سيفوق عند الانتهاء كل الكتلة المماثلة في جزيرة مانهاتن بما يزيد عن 20%. في هذا الكيلومتر المربع ستكون مجموع الأسرة وغرف الإيواء المختلفة على طاقة تفوق ما استطاعت بكين ولندن توفيره في استضافتهما لآخر دورتين أولمبيتين مجتمعة. هذا جزء يسير من الأرقام والحقائق التي رفعت بها (رأسي) عن وطني أسوقها اليوم لفريقين: الأول، لبعض من الأفاقين الذين يرون في هذا المشروع الخيالي مشروع هدم لطبيعة المكان، ولهم سأقول أيضاً إن المسلمين اليوم مليار ونصف المليار، وإن أعداد طائرات الوصول اليوم تناهز 500 رحلة في اليوم الواحد بعد أن كانت أقل من 50 قبل ثلاثين سنة. سأقول لهم أيضاً إن طبيعة الزمن والمواصلات والوصول قد تعدت مسألة توزيع الرفادة والسقاية على القبائل. الثاني: لكل عاقل أن يقرأ الظروف الاستثنائية لبناء المشروع كي يفسح المجال في العمرة أو الحج لقادم جديد من إخوانه المسلمين لم يلمس هذه الكعبة الشريفة من قبل. أتيحوا لهؤلاء الفرصة حتى يكتمل المشروع الذي سيتيح الفرصة مكتملة يومها لمن يريد.