ولكل كتائب الجهل وكتبة التضليل والإرباك والفتنة التي قالت إن الخطاب الملكي الأخير لا يمثلها، سأدعوكم إلى قراءة الواقع المخيف والوقائع الدموية ومن ثم قراءة شكل الخريطة الجغرافية الملتهبة. الكارثة أن بيننا الملايين الذين لا يعرفون حتى شكل ورسم الخريطة. يوم السبت الماضي، وحده، يرسم من حولنا وحول خريطتنا، وفي جوارنا صورة يخجل فيها العاقل من أن يكون قدره أن يكون جزءاً من هذه الخريطة وهنا لغة الأرقام: ثمانية قتلى في اليمن وأربعة وسبعون قتيلاً في انفجارات بغداد و112 جثة في سورية وثمانية عشر قتيلاً في بيروت، وبعدها لكم أن تهبطوا إلى خريطة مصر في نفس اليوم الدامي ثم غادروا غرباً نحو ليبيا وتونس. ارسموا الخريطة العربية ونحن في القلب منها ثم لكم أن تضعوا مجرد (نقطة) برأس القلم إشارة إلى كل جثة على هذه الخريطة: كل هذا في يوم واحد في فتنة هذا العالم العربي، فهل يسمح الخيال أن تتسع الخريطة لرأس قلم في الإشارة لكل جثة عربية في مجرد شهر. على وجه هذه الخريطة من جغرافية الخريف العربي ما تقول الأرقام المتحفظة إنه أكثر من 300 حزب سياسي، ولكم أن تقسموا السكان على عدد الأحزاب لتدركوا مساحة الجهل المخيفة وتكتشفوا عورة الفتنة.
نعم، وبثلاثة حروف مكشوفة، فإن خطاب الملك يمثلني لأول الأسباب: لأن السبت الماضي وحده ليس إلا فضيحة لهذا العرق ولكل هؤلاء البشر مثلما هو احتراب باسم هذا الدين العظيم بمئات الأحزاب وكل حزب بما لديه فرح. هو يمثلني لأنني أذرع وطني آمنا مطمئناً في قلب خريطة تمتهن القتل العشوائي لا يمثل فيها الإنسان قيمة ذبابة. خطاب الملك يمثلني لأنني أشعر بمسؤولية ولي الأمر على حياة خمسة ملايين أسرة تعرف أن مساء السبت الدامي في خريطتها مجرد بداية الأسبوع والشهر والعام الدامي إن بقيت للعقل مساحة للعظة والعبرة لصناع الفتنة. خطاب الملك يمثلني لأن الإسلام صناعة حياة ورسالة استخلاف وبناء لا رسالة قتل، فقد قُتل باسمه في يوم واحد ألف مسلم.