أتساءل: هل بنهاية أغسطس ينتهي وعيد وتهديد وزارة العمل لأصحاب المنشآت والمؤسسات ممن لديهم عمال يعملون ساعات تحت الشمس الحارقة خاصة عمال البناء والحفريات والنظافة؟ فشدة حرارة الشمس في بعض المناطق ما تزال مستمرة في ظلّ ظروف الجو المتقلبة، ولطالما كنتُ حين أعود من عملي خلال الظهيرة ومع شدة حرارة الشمس أرى عامل نظافة "غلبان" هنا أو هناك، ممن يعملون في بعض الشوارع! فأين جولات وزارة العمل التفتيشية عن هؤلاء الذين في معظمهم لا يعرفون طريقا للشكوى خوفا من فصل أو تسفير يحرمهم من راتب لا يتجاوز 400 ريال؟
كما أن الأمر لا يتعلق فقط بمنع العمل تحت أشعة الشمس الحارة، بل يجب أن تكون هناك ساعات غذاء لهؤلاء العمال يتم تحديدها بما يتوافق واتقاء حرارة الشمس على مدار العام، هذا حق إنساني يجب إعطاؤه لهم، ويجب إلزام المؤسسات والمنشآت به، التي توفر لموظفيها وكبار مسؤوليها ممن يعملون داخل مبانيها ساعات "غذاء" وسط الدوام، فهؤلاء العمال الضعفاء من حقهم التمتع بساعات غذاء لا يجبرون فيها على العمل.
كما أتساءل أيضا: هل مراقبة وزارة العمل تتوقف فقط على عمل هؤلاء تحت الشمس أم أن هناك أمورا أخرى تجب مراقبتها ومعاقبة أصحاب المؤسسات والمنشآت إن لم يلتزموا بتطبيقها بفرض الغرامات؟ كضرورة أن يكون عمال النظافة عنوانا للنظافة ذاتها، فما نراهم فيه من ملابس شديدة الاتساخ لا تمت للإنسانية بصلة، ويجب أن يتم تنظيفها وتعقيمها يوميا حفاظا على صحتهم، مع ضرورة توفير قفازات وواق من الروائح والأتربة، حفاظا على صحة صدورهم، ولا يقل عمال البناء أهمية عنهم، إذ مما يُشاهد رؤية عمال بناء لا يرتدون ملابس مخصصة لعملهم تتوافر فيها شروط السلامة، كعدم ارتداء خوذة على الرأس، ناهيك عن ملابسهم غير المناسبة وقد تؤدي بهم إلى حوادث خطرة، كما أن الوسائل التي يعملون خلالها أثناء البناء قد تكون مستهلكة وقديمة ولا تتوفر فيها شروط السلامة، ولطالما شاهدت عمالا في أدوار عليا أثناء عملهم يقفون على أخشاب مهترأة دون أن يتم ربطهم بحبل يحميهم من الوقوع إن تعرضوا للانزلاق، والواجب أن تتوافر رافعات عبر عربات مخصصة لذلك، ويزداد الأمر مأساوية أن معظم هؤلاء العمال ليس لهم تأمين صحي، ولا بدل خطر، ولا وسائل سلامة تعينهم على عملهم وتقلل حصول الخطر!
بصراحة، على وزارة العمل بذل المزيد من الجهود لأجل حفظ حياة الإنسان عبر بيئة عمل صالحة يتمتع فيها بحقوقه الإنسانية التي تحفظ صحته وسلامته، وخاصة أن أكثر هؤلاء العمال من متواضعي التعليم ويسهل استغلالهم من قبل أصحاب العمل ممن لا يخشون الله فيهم، مع ضرورة إعادة النظر في أجورهم المتواضعة جدا.
لهذا أقول وبصراحة: يا وزارة العمل "تحت الشمس" هناك ما هو أكثر من مجرد حرارة حارقة!