توحيد خطبة الجمعة حق وطني يحق أن يطالب به أي مواطن، أو على الأقل توحيد العناوين والحرص أن تكون ضمن مضامين تحترم المصلين ووقتهم وأحوالهم وهموم المجتمع.. المنبر ليس للانتصار للأهواء ويجب تجريم استغلاله اجتماعياً.

بالإمكان مثلا أن يكون التوحيد في أوقات أو أحداث معينة، ويتراوح بين الضبط الكامل للعناصر التي تقوم على أساسها الخطبة، أو الضبط الجزئي.. مع حملة تعريف بصندوق شكاوى يوضع في كل جامع، يفرز ويراقب المتجاوزين.. لا نتوقع رقابة شاملة من الوزارة، لكننا بالتأكيد نضع المواطن أمام ضميره الوطني.. من يسمع أمورا لا تسر أي مسلم، ويصمت، بسلبية يصنف في خانة "الساكت كالراضي والراضي كالفاعل".

من ثلاثة أعوام، أثيرت مسألة توحيد الخطبة، على خلفية إبعاد وزارة الشؤون الإسلامية عشرات الخطباء والأئمة لعدم تطوير أدائهم، وتدني مستواهم وفقا لرئيس لجنة تقييم الأئمة والخطباء بفرع وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض، الدكتور عزام الشويعر، والذي أشار إلى أن الوزارة "تخضع المتقدمين للخطابة في المساجد لاختبارات صعبة شخصية وتحريرية للتأكد من مستواهم وقدرتهم على القيام بهذه المهمة الصعبة". قبل ذلك مصادر مختلفة في وزارة الشؤون الإسلامية أفادت بطي قيد أئمة وخطباء تورطوا في قضايا تطرف أو إرهاب.

أتابع التجربة الإماراتية وتوحيد خطبة الجمعة وألمس نسبة رضى عنها، رغم وجود أصوات تفضل الابتكار والإبداع، وطرحت آليات لتطوير خطبة الجمعة، وإعطاء المبادرة للخطباء المتميزين باقتراح موضوعات تناسب الجمهور مع التشجيع على ارتجال الخطب وفق معايير وضوابط محددة، على أن يلتزموا باستراتيجية الجهات المختصة في المعالجة الموضوعية للخطبة وألا يتجاوزوا الزمن المحدد 30 دقيقة كحد أقصى، والمنابر في الدولة ربما تتناول أكثر من موضوع في الجمعة الواحدة، مع ملاحظة أن كل ما يحدث يتم الإشراف عليه وضبطه.

الجامع مكان توعية وتذكير وجمع كلمة، وليس من أدواره التحزب.. دعوة قديمة تتجدد، ما أحوجنا لدور المسجد والجامع، الذي استغل وابتعد عن الناس وهموم المجتمع وظواهره التي تحتاج احتشادا، وليس أقوى وأصدق من الحشد الموجود في مساجدنا وجوامعنا، المحافظون على الصلاة درع من الدروع الوطنية وهم أول من يجب أن يتصدى للأئمة المتجاوزين.