في مقال عن السياحة، نشر في هذه المساحة، في آخر شهر شعبان الماضي، تحدثت في آخره عن المشكلة التي تعترض تشغيل الناقلين الجويين الجديدين اللذين تم منحهما الرخصة للنقل الداخلي من قبل هيئة الطيران المدني في المملكة، وهما الخطوط القطرية وطيران الخليج، وهي مشكلة أسعار الوقود بمطارات المملكة.

وقد عادت هذه القضية إلى الواجهة من جديد من خلال تصريحات مهمة لكنها متباينة لكل من سمو رئيس هيئة الطيران المدني وسعادة رئيس شركة أرامكو؛ ففي ملحق أصدرته صحيفة الاقتصادية الأسبوع الماضي أجرت فيه حوارا شاملا مع سمو الأمير فهد بن عبدالله رئيس هيئة الطيران المدني، أوضح فيه أن الهيئة قطعت شوطاً كبيراً في المباحثات مع شركة أرامكو لمراجعة أسعار الوقود في المطارات السعودية، مؤكداً على أنه سيتم التوصل لأسعار منافسة للوقود ستشجع الناقلات الجوية، ليس فقط على تشغيل المزيد من رحلاتها الدولية لمطارات المملكة، بل أيضاً على تشغيل المزيد من الرحلات بين مدن المملكة مما سيحقق العديد من الفوائد للمواطنين والناقلات الجوية والمطارات السعودية أيضاً، وهذا تصريح يبشر بإنهاء المشكلة، لكن في نفس اليوم كان هناك تصريح لرئيس شركة أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين خالد الفالح أكد فيه لهذه الصحيفة عند زيارته لتبوك رداً على سؤال حول شكاوى شركات الطيران العاملة في المملكة من أسعار وقود الطائرات؛ أن وقود الطائرات متوافر في جميع مطارات المملكة وبأسعار منافسة دوليا! نافياً فرض أرامكو أسعاراً أعلى من الأسعار الدولية، لافتاً إلى أن إعانة شركات الطيران من الوقود المدعوم هو قرار تحدده الحكومة، لكن الصحيفة في نفس الوقت ذكرت أن مصادر أكدت لها تشكيل لجنة من وزارات: البترول، والمالية، والتخطيط، والاقتصاد، والطيران المدني، لمراجعة أسعار الوقود في المطارات ومقارنتها بالأسعار المعمول بها في المطارات الدولية في المنطقة، بحيث تكون أسعارا منافسة لها، وشرحت الصحيفة أسباب تشكيل هذه اللجنة والمبنية على دراسات متوافرة لدى هيئة الطيران المدني، تؤكد ارتفاع أسعار الوقود في مطارات المملكة مقارنة بمطارات المنطقة! مما يذكر أن أرامكو نفت في وقت سابق تصريحاً لمسؤول في إحدى الشركتين الناقلتين الجديدتين عن التوصل إلى اتفاق بشأن أسعار الوقود!

من وجهة نظري فإن التباين واضح بين تصريحات رئيس هيئة الطيران المدني ورئيس شركة أرامكو فأين هي الحقيقة؟ خاصة إذا ما علمنا عن تشكيل لجنة من الجهات الحكومية ذات العلاقة لدراسة الأمر الذي أعتقد أنه مهم وجوهري لاستقطاب شركات الطيران للعمل في المملكة، وزيادة رحلاتها، فأسعار الوقود أمر بالغ الأهمية كي تستطيع شركات الطيران العمل بشكل أوسع في المملكة وألا يكون ذلك سبباً في تعثرها، أقول الأمر يحتاج إلى معالجة سريعة بل وفورية، والشيء الإيجابي هو تفهم هيئة الطيران المدني للأمر ودفاعها عنه باعتبارها جهة اختصاص، و"أهل مكة أدرى بشعابها"، والمعول أن تتفهم شركة أرامكو أيضاً المشكلة وهي الشركة العالمية في مجال البترول، وأرامكو بالتأكيد حريصة على نمو النقل الجوي الداخلي وتطوره، وبالمناسبة فللشركة إسهامات وطنية كبرى، وتولت وتتولى إنشاء مشاريع عملاقة في المملكة بإتقان وسرعة إنجاز؛ وبالتالي فلا أظنها تقف عقبة في معالجة موضوع أسعار الوقود وإيجاد الحل المناسب لها، والأمل أيضا في وزارة المالية، وهي ذات علاقة مباشرة، إذ إنه لا يلوح في الأفق ما يشير إلى حل سريع للمشكلة؛ فالناقلان الجديدان للرحلات الداخلية لم يعلنا بعد أي تفاصيل عن جداولهما ولا أسعارهما ولا المحطات التي سيبدآن التشغيل منها؛ على الرغم من أن الربع الأخير من هذا العام 2013 قد أزف، وهو الموعد الذي كانت قد حددته هيئة الطيران المدني لبدء تشغيل رحلاتهما..

ومن دون شك، ومن خلال ما نشر، فإن أسعار الوقود الحالية قد تعيق تشغيل الناقلين الجديدين، وهنا لابد من أن تبذل هيئة الطيران المدني مزيداً من الجهد لحل هذه المعضلة فالمواطن ـ في الأول والأخير ـ هو المتضرر من تأخير تعزيز النقل الجوي الداخلي بمشغلين جدد.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فأود أن أشير إلى نقطتين: أولاهما؛ ما نشر عن تشكيل لجنة لمناقشة أسباب عدم ربحية بعض النقاط التي تصل إليها الخطوط السعودية داخليا، وهو أمر مهم إذ إن الخطوط السعودية ما زالت هي الناقل الرئيس داخل المناطق، وأيضا فإن أسعار تذاكرها ثابتة منذ عقود، بينما نجد أن الناقل الاقتصادي يقيّم أسعار التذاكر حسب توقيت الحجز والمواسم، وهذا ـ في الحقيقة ـ غير منصف للخطوط السعودية، والمنافسة بلا شك مطلوبة، وعند تشغيل المشغلين الجديدين ستشتد المنافسة في الأسعار ولعل المواطن يكون هو المستفيد كثافة في الرحلات وأسعارا، أما الأخرى؛ فهي معلومة مؤلمة تقول إنه في الأسبوع الأخير من إجازة العام الدراسي سيّرت شركات الطيران الخليجية إلى مطارات المملكة عشرات الرحلات المجدولة والإضافية لآلاف السياح السعوديين العائدين من دبي! في حين لا يجد المواطن مقعداً بين مدنه الداخلية إلا بشق الأنفس في الأيام العادية ناهيك عن الصيف والإجازات، ومعلومة أخرى - لا تسرنا كسعوديين- صادرة من دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي مؤخرا نشرتها صحيفة الخليج الإماراتية تقول إن أعداد الزوار السعوديين الوافدين إلى دبي خلال النصف الأول من هذا العام زادت بنسبة 31%، حيث وصل العدد إلى أكثر من سبعمائة ألف زائر! أنفقوا سبعة عشر مليار درهم.. أكتفي وأحيل هذه المعلومات إلى هيئتي السياحة والطيران المدني.