وهنا ستجد مواصفات تلك المدن التي تحترم ساكنها، أما إن انطبقت تلك المواصفات أو جلها على مدينتك فلا يسعنا سوى تهنئتك، ثم أن نسدي لك نصيحة عظيمة بأن تقبض على وجودك فيها بالنواجذ، وأما إن كان غير ذلك، فنقدم لك صادق العزاء وبالغ المواساة ونسدي لك نصيحة عظيمة أيضا، بأن تحرص على أن يكون من ضمن قائمة أصدقائك طبيب بارع على الأقل!.

أما مواصفات المدن التي تبادل ساكنها الاحترام، فهي تلك التي يحس فيها الفرد بقيمته كإنسان، فيها يقل الشعور بأن أحدا ما يريد تنغيص حياته عمدا، وفيها سيرى الحياة بشكل مختلف، يراها بشكل أجمل، سيميل لمعاني التسامح والصفاء والمودة والمحبة. في المدن التي تحترم ساكنها ستنخفض ـ دون شك ـ نسبة الإصابة بأمراض ضغط الدم وتأرجح السكر وتهيج القولون.

في المدن المحترمة، لا يفقد ساكنوها أعصابهم لغلاء أسعار السكن غير المبرر، ولن يكونوا مضطرين لدفع عشرة أضعاف سعر الأرض الحقيقي للحصول عليها، هناك لا توجد أزمة سكن، ولا يستخدم أحدهم مفردة "العشوائيات"!.

في المدن المحترمة، لا يعاني ساكنوها من التهاب الجيوب الأنفية وحساسية الصدر وأمراض الربو، هناك لا تصبح الأدخنة والأبخرة الملوثة "علامة فارقة"، وهناك تنتشر المساحات الخضراء بشكل واسع لمساعدة الأكسجين على الانتشار بشكل أكبر.

في المدن المحترمة، تصبح خيارات النقل متعددة، هناك لا تصبح الطرق الرئيسية محشورة على الدوام، لا تكون كل ساعاتها "ساعات ذروة"، هناك لا تستنزف زحمة الطريق نصف يوم الفرد، ولا ينحشر أحدهم لمدة نصف ساعة في مركبته من أجل أن يعبر إشارة ضوئية، بل تجد الحلول المبتكرة والذكية لمكافحة كل أشكال الزحام!.

في المدن المحترمة، يمكن للإنسان مشاهدة الحدائق بالعين المجردة، هناك لا تتحول الحدائق إلى منح سكنية، ولا إلى مواقف معبدة، في المدن المحترمة، لا يطلق أحدهم اسم "حديقة" على مجرد كومة من الحديد ومجموعة من النفايات!.

في تلك المدن يصبح وجود الحدائق والمتنزهات ضرورة كالطعام والشراب تماما!. في تلك المدن، تنتشر علامات التحذير من التدخين في الأماكن العامة، وهناك يحترم الجميع تلك الإشارات، بمجرد الذوق أو تحت طائلة العقاب، في تلك المدن يمكن للإنسان الاستمتاع بحاسة الشم دون أن يعكر عليه أحدهم ذلك بعوادم سيجارة!، في المدن التي تحترم ساكنيها لا يراود أحدهم الشعور بأنه مجرد زائدة دودية، ولا يوسوس له الشيطان أنه في المكان الخطأ.