تلعب الأفلام الكرتونية دورا كبيرا في تصرفات وسلوكيات الأطفال، فقد سمعنا جميعا بمن قُتل وأصيب من الأطفال، ممن زاد بهم الإعجاب بشخصية كرتونية مثل "سبايدر مان" وغيره، ليقلدوه ويلقوا بأنفسهم من على ارتفاعات متفاوتة. كما تلعب دورا كبيرا في تغيير الثقافات وتشويه للمبادئ والقيم النبيلة، فعلى سبيل المثال قد ترى القبلات بين الجنسين، والعلاقة العاطفية، والصراع بين الذكور على فتاة واحدة، وانتشار العنف وثقافته في أغلب أفلام الكرتون المعروضة حاليا.

ما يعرض من وسائل الترفيه في التلفاز وغيره لها تأثير سلبي كبير، ودليل ذلك أن الطفل لم يعد اجتماعيا، وأصبح توحديا ومنحازا للألعاب الإلكترونية، ولمشاهدة التلفاز وأفلام الكرتون، التي يقضي 70% من الأطفال ـ حسب الدراسات ـ ما يقارب 6 ساعات يوميا.

غزت هذه الأفلام بقوة ونجحت في تصوير شخصية "الخنزير" بشخصية محبوبة ولطيفة، وتتعامل مع الآخرين بكل لطف. ففي التلفاز نرى في قنوات الأطفال هذه الشخصية تتماثل بالطيبة الزائدة، والتعامل الراقي، الأمر الذي يجعل الطفل يرسخ فكرة وصورة جميلة تجاه هذا الحيوان، لا سيما وأن العقل اللاواعي من سن الولادة حتى سن السادسة يكون مستقبلا للقيم كافة، ومن ثم تنعكس على سلوكه الخارجي في سن البلوغ، وأنا هنا لا أحرض على العنف تجاه الحيوان، ولكن ما أخشاه أن يكون لحمه على موائد أطفالنا مستقبلا.

وتأتي الألعاب الإلكترونية في الدرجة الثانية، التي تحاكي عقول الأطفال بكل دقة، فميزت شخصية الخنزير تلك بالصوت واللون الجميلين، ومن ثم اكتسابها لنقاط أكثر مقارنة بنظيراتها في اللعبة مثل الفيل والقطة وغيرها.

لقد نجحت شركات الإنتاج بغزوها الفكري إلى درجة مورقة في تغيير صورة الخنزير، وزرع مبادئ خاطئة في عقول أطفالنا، الذين سيقودون ويديرون عجلة التقدم في المستقبل.

ففي دراسة أجريت على فيلم الكرتون النعامة السريعة Roadrunner "بب بب" وجدوا أن أكثر المعجبين بهذا الكرتون مصابون بالإحباط الدائم؛ نتيجة لقناعتهم بأن كل المحاولات والخطط التي يقوم بها الذئب للإمساك بالنعامة فاشلة، ومن ثم انعكس ذلك على حياتهم العملية والعلمية.

فهذه رسالة لوزارة الإعلام لإعداد الدراسات والبحوث الخاصة بالطفل، وبالذات في الجانب الثقافي والتعليمي، وتقويم برامج الأطفال التلفزيونية "الكرتون خصوصا"، والتعاون مع خبراء علم النفس والاجتماع والتربية والإعلاميين لصياغة تصورات دقيقة لثقافة الطفل وإعلامه بما يتلاءم مع بيئته المحلية، وحماية الطفل من الإعلام السلبي الذي جنينا وسنجني منه ثمارا مُرة.