تقام هذه الأيام في إندونيسيا الدورة الرياضية الإسلامية أو ألعاب التضامن الإسلامي كما هو اسمها الرسمي، وعلى الرغم من المشاركة الإسلامية المكثفة فيها، فإنها لا تحظى بتغطية إعلامية تناسب حجمها، ولا باهتمام جماهيري يليق بها وبأهدافها، فما الجهة التي تشرف عليها، وما مدى دعمها ومساندتها، وما أسباب عدم الاهتمام بها. هذه الدورة تقام تحت إشراف الاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي، وفي هذا المقال سأتحدث عن هذا الاتحاد وتأسيسه وأهدافه ومهامه، وتعزيز مسيرته، فقد يكون مجهولا عند البعض، أو ليس لديه معلومات عنه رغم أنه هيئة رياضية إسلامية كبرى، يضم في عضويته 45 دولة إسلامية، وعدة هيئات ومنظمات إسلامية، وتحتضن المملكة مقره في العاصمة الرياض، كما سأتطرق إلى ما أراه أسبابا للتقليل من شأن ألعاب التضامن.. تأسس هذا الاتحاد عام 1405 للهجرة الموافق 1985 للميلاد، بناء على قرار مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي عقد في إسلام أباد بالباكستان عام 1400- 1980، والمعتمد من مؤتمر القمة الإسلامي الثالث المنعقد بمكة المكرمة والطائف عام 1401 - 1981، والذي قضى بإنشاء هيئة تعنى برفع مستوى الرياضة في الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي تسمى الاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي وأبرز أهدافه: تقوية التضامن الإسلامي بين الدول الأعضاء بالاتحاد، وتعزيز الشخصية الإسلامية في الميادين الرياضية، وتوثيق أواصر الوحدة والمحبة والتآخي بين شباب الدول الأعضاء، وتعريف شباب الدول الأعضاء بأهداف منظمة المؤتمر الإسلامي، وتشجيع الدول الأعضاء بالاتحاد للحفاظ على وحدة المواقف في المؤتمرات واللقاءات الأولمبية والدولية والقارية والإقليمية، والتعاون مع تلك الهيئات والمنظمات الدولية، ومن أهدافه كذلك المحافظة على المبادئ الرياضية، والعمل على النهوض بالحركة الرياضية والأولمبية في العالم الإسلامي، والتمسك بمبادئ السلام ودعم جهوده في المجالات الرياضية في أنحاء العالم كافة، وكذا الاهتمام بإحياء الثقافة الرياضية الإسلامية.. أما أبرز مهامه فهي الإشراف على دورة ألعاب التضامن الإسلامي، والبطولات والمسابقات الرياضية في مختلف الألعاب، وتشجيع تبادل زيارات الفرق الرياضية بين الدول الأعضاء بالاتحاد وغيرها من المهام، مثل إعداد الأنظمة واللوائح، وتنظيم المؤتمرات وإجراء البحوث والدراسات ونشرها وتقديم المشورة الفنية لتطوير المنشآت، وغيرها من المهام.. وبعد بسط وشرح تلك الأهداف النبيلة والمهام الكبيرة لهذا الاتحاد الرياضي الإسلامي، ورغم أنه يعد ـ كما سبق أن قال لي أحد مسؤوليه ـ أكبر منظمة رياضية أولمبية بعد اللجنة الأولمبية الدولية، إذ يضم في عضويته ـ كما أشرت ـ كل الدول الإسلامية وهيئات ومنظمات إسلامية ومجلس إدارة يضم شخصيات رياضية أولمبية كبيرة مرشحة من اللجان الأولمبية الإسلامية، وترأسه المملكة ممثلة بسمو الرئيس العام لرعاية الشباب، بل هي الداعم الرئيس له، أقول إذا كان لهذا الاتحاد كل هذه الأهمية فلماذا لا يكاد يبين في نشاطاته وبرامجه؟ ولماذا لا تعطيه الدول الإسلامية ما يستحقه من دعم ومساندة؟ إذ لا يتفاعل أغلبها مع رسالته القيمة تجاه الشباب والرياضة في العالم الإسلامي، برغم إيمان الجميع بتلك الرسالة الإسلامية العظيمة، بل ويتسابق البعض لينال شرف عضوية مجلس إدارته.

إذن، لا بد أن هناك أسبابا جوهرية تحول دون تحقيق طموحات وآمال هذا الاتحاد، أبرزها قلة موارد الاتحاد، وهي التي يعول عليها في تكثيف نشاطاته، فالدعم المادي الوحيد الذي يقدم لهذا الاتحاد يأتي من المملكة إذ تقدم له إعانة سنوية، لكنها لا تكاد تفي بالحد الأدنى من متطلباته والتزاماته، فكيف سيتم تسيير برامجه إذا لم تبادر الدول الإسلامية الأعضاء فيه بدعمه ماديا ومعنويا، صحيح أن هناك دولا تنظم الألعاب الإسلامية مثل إندونيسيا حاليا وأذربيجان مستقبلا "سوف تنظم الألعاب عام 2017"، وهذا بحد ذاته دعم لأهم مناشطه، لكن هذه الدورة تقام كل أربع سنوات وحتى الفرق الرياضية المشاركة فيها ليست في الغالب الفرق الأساسية، وثمة من يلقي باللائمة في عدم التركيز عليها على عدم الاعتراف بها من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، لكن ذلك ليس مبررا أبدا فللدورة أهداف سامية ومرام نبيلة يجب التركيز عليها بل وإبرازها، فشباب العالم الإسلامي أحوج ما يكون للتلاقي والتآلف ودعم أواصر محبته خاصة في الظروف الحالية التي تعصف بأمتنا الإسلامية، فهل الاكتفاء بها ـ كما هو واضح ـ دليل على عدم قدرة الاتحاد على مواجهة التزاماته، نعم إن مسؤولية الجميع مضاعفة في ترجمة أهداف ومهام الاتحاد كافة إلى واقع ملموس يشعر به شباب العالم الإسلامي، وإلى برامج تنهض بالرياضة الإسلامية انطلاقا من اعتزازنا بهويتنا الإسلامية، كما أن لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي يعد هذا الاتحاد أحدى هيئاتها دورا مهما في مساندة أهدافه.

إن تعزيز مسيرة الاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي ودعمه بمختلف أنواع الدعم المادي والمعنوي والفني واللوجستي أمر بالغ الأهمية إذا ما أردنا تحقيق آمال شباب أمتنا الإسلامية ورفعة شأن الرياضات الإسلامية، فهذا الاتحاد هو الناطق باسمهم، وهو الذي يحمل أمانة التنسيق للنهوض بالرياضة في العالم الإسلامي، التي أتطلع لتكون منافسة يوما ما للألعاب القارية بل والدولية.