كلنا يعلم بل ومن المسلم به أن الشباب هم أمل الأمة ونواتها وجبلها الأشم الذي تستند وتتكئ عليه إن ألم بها خطب أو أصابها مكروه أو طرأ طارئ لا سمح الله.
وهذا ما ينبغي وما يتوقع أن يقدمه الشباب، ولكن هل سألنا ما ذا يجب أن نقدمه نحن لهم حتى يقدموا لنا كل هذا؟ وهل كل ما يطلبون من مقومات لتقديم ذلك موفرة أو متوافرة لديهم؟
لكي يقدم الشباب الشيء النافع لهم ولمجتمعاتهم لا بد أن يشعروا بأن المجتمع يبادلهم الخدمة من ناحية اجتماعية واقتصادية وثقافية... إلخ.
على سبيل المثال عندما يعزم الشاب على الالتحاق بإحدى الكليات أو الجامعات يفاجأ بالنسب المطلوبة التي في الغالب لا تتوافق والإمكانيات التي حصل عليها من معدل أو علامات فيضطر إلى ترك ما يرغب إلى ما لا يرغب، فإنه بالتالي لن يعطِي ولن يخدم كما ينبغي إذا تعين بعد التخرج في وظيفة هو في الأساس غير راغب فيها.
ثم كيف يعطي الشاب بشكل أفضل أو على الوجه الأكمل ويساهم في خدمة مجتمعه أو من أجله إذا لم يساعده ذلك المجتمع في تحسين وضعه الاجتماعي، وذلك إذا أراد الزواج مثلاً، فالزواج حلم يراود كل شاب وفتاة، وهذا كلام مفروغ منه سلفاً، فالغريب أنه لايزال هناك بعض الأسر أو الآباء على وجه الخصوص متمسكين بغلاء المهور وباهظية التكاليف بالرغم من أننا نرى اليوم مشاريع في تسهيل الزواج من فكرة الزواج الجماعي التي مرّ عليها وقت ليس باليسير من بدء ظهورها وإنشائها، بل ظهرت في الآونة الأخيرة فكرة الزواج الخيري الذي هو أقل تكلفة من الزواج الجماعي نفسه.
ولو تكلمنا قليلا في قضية غلاء المهور نرى أنها مذمومة في أوامر ونصائح الشريعة، وقلة المهر هي الشيء الممدوح، ويتضح ذلك في أقوال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فمن ذلك قوله (أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا).
وعلى ذلك أيضاً فإن غلاء المهر لا ينعكس على الفرد الراغب في الزواج فقط بل على مجتمعه بأكمله لأنه ستكون لديه نظرة غير لطيفة عنه، لأنه أي مجتمعه حرمه من الزواج أو على أقل تقدير من الزواج المبكر الذي هو حل لكثير من المشاكل والمفاسد الاجتماعية التي تطال الكثير من أفراد المجتمع وبالخصوص شريحة الشباب.
ولو سألنا أنفسنا من المتسبب في هذه المسألة هل والد الزوجة أو الزوجة نفسها، ولمن ترجع المصلحة في ذلك.
لو قلنا الزوجة مثلاً فهي ليست محتاجة لهذا لأنها ستعيش مع الزوج في بيت الزوجية وتستطيع أن تطلب ما تريد منه في فترة ما بعد الزواج.
فعليه يبقى الأمر متعلقا بوالد الزوجة أو بأهلها عموماً ولاسيما الأم، ونحن لا نسلم بذلك وإنما من باب ضرب الاحتمالات، فلو كان الأمر كذلك فلماذا يتطلب الأب في المهر ويزايد عليه؟ هل المسألة بيع وشراء .. أم ماذا؟
وهل المسألة مادية بالدرجة الأولى؟ لو وجهت هذه الأسئلة إليه حتماً ستكون الإجابة بالنفي القاطع! إذاً لماذا الغلاء في المهور؟!
هل من أجل أن نوقع شبابنا في مثل هذا الهم فقط؟ ولو رجعنا إلى الجانب الوظيفي لرأينا أيضاً أنه يشكل هماً كبيراً للشباب، فهو عائق للهم الأول، وهو هم الزواج، فإن نسبة كبيرة منهم لا يتزوجون لأنه ليس لديهم وظائف تؤهلهم لذلك، فتكون الوظيفة علة للتأخر في جانب الزواج وبالتالي سبباً للبطالة التي هي تعتبر أم المشاكل في التأخر في الجانب الاقتصادي بالدرجة الأولى لديهم ثم بقية الجوانب الاجتماعية والثقافية... إلخ.