رغم أن المتاحف تشكل معالم مهمة في تكوين الحالة الثقافية بتركيا اليوم، والتي تعد أيضاً عنصر جذب للمهتمين من العرب والأوروبيين، وخاصة أن الأخيرين يهتمون كثيراً بفسيفساء المتاحف التي تقتطع جزءا من تاريخهم الماضي، إلا أن متحف "طرابزون الثقافي" يملك خصوصية مختلفة بين متاحف مدن الشمال التركي.

قصة المتحف، يمكن القول إنها تحمل دلالة "معرفية تاريخية" غاية في الأهمية، حيث بنته عائلة رومية في عام 1897، ثم اشتراه رجل أعمال روسي يدعى "كوستاكي تيفيلاكتوف"، لذلك سمي بـ "منزل كوستاكي نسبة إلى مشيده الذي كان صاحب مصرف مشهور، هاجر من روسيا إلى طرابزون بعد الحرب العثمانية - الروسية، والذي حوله بعد ذلك إلى متحف في 1900.

أثناء جولة "الوطن" مع مديرة المتحف نجلين يلمزير خريجة دراسات الآثار، أوضحت من خلالها ملامح مهمة حتى وصول المكان لوضعه الحالي كمتحف يتبع وزارة الثقافة والسياحة الحكومية.

وتشير نجلين إلى أن الاستخدام الثالث للمكان بعد عائلة كوستاكي الروسية، انتقل إلى ملكية عائلة تركية في 1917، وفي 1924 تم منحه لأول رئيس تركي بعد تأسيس الجمهورية "مصطفى كمال أتاتورك" ليقيم فيه هو وعائلته، و في عام 1937 أضحى مقراً لوزارة التعليم، ثم ثانوية للبنات، ودام ذلك قرابة خمسة عقود (50 عاماً).

في 1987 اعتمد رسمياً كمبنى لوزارة الثقافة، وبعد مرور 15 عاماً، تم تحويله إلى متحف رسمي وقامت عليه عمليات الترميم بشكل واسع، ليصبح مفتوحاً للزائرين بمبلغ رمزي ( 3 ليرات = 7 ريالات سعودية) في 2001، وتقول نجلين: "إنه أضحى ذائع الصيت، وهو شهير بمعروضاته الإثنوجرافية و الأثرية التي يبلغ إجمالي عددها نحو 4849 قطعة".

المكان من الداخل يتكون من 34 غرفة بمساحة 1500 متر مربع، وجميعها تعود للقرن التاسع عشر، حيث ما زالت بعض الغرف تحتوي على موجوداتها التي ما زالت صامدة حتى اليوم، كصالونات الجلوس، وغرفة الطعام، التي تعود كلها للعائلة الرومانية.

المعمار الهندسي للمكان من داخله وخارجه مجموعة هندسية من الحضارتين البيزنطية والإسلامية العثمانية، وحينما تتجول في ضاحية المكان يقول المؤرخون إن مكان المتحف كان سابقاً مركزاً إدارياً للإمبراطوريتين السابقتين، وهو يقع في قلب مدينة طرابزون بالبلدة القديمة وتحديداً في شارع أوزون، الذي ما زال حيوياً حتى اليوم لتوافد السكان المحليين وغيرهم عليه بكثافة.

تستطيع أثناء التجوال أن تشاهد مجموعة من السعوديين الذين يهتمون بالمتاحف، الذين تحدثوا إلى "الوطن" من أن ميزة المتحف أنه عام وغير متخصص في فترة محددة ويحمل مزيجاً من التنوع الحضاري الإنساني.