لم يأت الجزء الخامس من مسلسل باب الحارة إلا ليدق مسمارا إضافيا في نعش المسلسل الذي استُهلكت مفرداته وأكل الدهر وشرب على عباراته المكرورة.. ولم يبق فيه من متعة الفرجة سوى انتظار اكتشاف حقيقة "مأمون بيك" المتآمر على وطنه.. وإلى أنْ تأتي هذه اللحظة الدرامية على المشاهد أنْ يستمرَّ في تلقّي المطّ والتطويل.. ويظلُّ يتابع المشاهد المملّة التي لا تفيد في الحبكة الدرامية. فلا "النمس" بات يمتع ولا لهجة "أبوحاتم" المتحدية دائماً.. ولا عقيد الحارة الذي يتبدل بين جزء وآخر بات شخصية محببة للمشاهد.. ووحده الشايب "الخرف" يعرف حقيقة المتآمر ويعرف أنّ الشخصية الحقيقة لمأمون ليست على قيد الحياة، لكنْ من يستمع لكلام ذلك العجوز!

بدون مبالغة، بلغت الطرافة بالمسلسل أن صار أبطاله في أجزائه السابقة يموتون لمجرد خلاف أحدهم مع المخرج أو ظهوره بإعلان تلفزيوني.. ولأنّ المخرج لا يستطيع إحضار من قام بدور البطل الذي قضى عليه فإن وجه الميت لا يظهر في الجنازة، أي إن الراحل مجهول بمعنى آخر. وهنا تأتي مفارقة أخرى يستفيد منها المخرج، وهي أنه يستطيع بحركة تأليفية إعادة الميت للحياة بناء على أن الجنازة كانت لشخص آخر وأن البطل لم يمت..

منتهى السذاجة أن يستمر مسلسل فيه استغفال واضح للمشاهد.. وليست عودة أم جوزيف للحياة آخر الاستغفالات، فالمقبل من الحلقات يوحي بمزيد من اختلاق القصص التي لن تقنع أحدا.

ربما كان على المخرج والمؤلفين عدم إكمال المهزلة والتوقف عند الجزء الثاني كما رأى المهتمون.. فحكاية الأجزاء المتلاحقة أثبتت عدم جدواها في كثير من الأعمال الدرامية من قَبل لأن المؤلف مضطر لأنْ يزيد من المشاهد الفارغة ولأن الممثلين يتناوبون على شخصية واحدة في الأجزاء.

ثمة نجاح مع مرتبة الشرف، و"باب الحارة" في جزئه الخامس لا يستحقه بالتأكيد، لأن ما يحدث فيه يشير إلى أنه يستحق الرسوب بدون مرتبة. والنجاح الذي أحرزه فريق العمل في البداية قضى عليه الذين تابعوا المشوار من الفريق في نهاية المطاف.

[email protected]