أمينة الجدعاني


تتأرجح الإعلانات التلفزيونية في القنوات العربية بين الاستخفاف بعقلية المشاهد أو احتوائها على إيحاءات جنسية أو مشاهد تحرض على العنف، وقد تبدو صريحة للعيان أمام الأطفال والبالغين! على الرغم من استئثار العرب بحقيبة وزارة الإعلام إلا أنها تبدو مغيبة الأدوار!

ولنأت بمثال بسيط يوضح حجم الهوة بين الإعلام الغربي والعربي، وهذا الإيراد ليس للتغني بالغرب بل مقارنة بسيطة توضح كيف لإعلام تتحكم فيه مؤسسات مدنية أن يحظى بهذا القدر من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها! تناقلت وسائل الأخبار أن "شركة هيونداي قامت بسحب إعلان مخصص للسوق البريطانية أثار ضجة قبل عرضه فعلياً على المحطات التلفزيونية، وبينما وجد البعض أن الإعلان مقنع جداً، إلا أن الأغلبية وجدته جارحاً للمشاعر. ويظهر الإعلان رجلا يحاول الانتحار داخل سيارته الـIX35 (هيونداي توسون) باستخدام خرطوم موصول من العادم إلى داخل السيارة عن طريق النافذة، ولكن المحاولة تفشل لانعدام انبعاثات الكربون من محرك السيارة، وهو ما يسوق له الإعلان، ولكن تم منع الإعلان بسبب ترويجه لفكرة الانتحار"! بعدها اعتذرت شركة هيونداي بـ"نحن آسفون جداً لأي إساءة أو مضايقة تسبب به الفيديو، وتعتذر هيونداي تحديداً من الذين تعرضوا لمأساة مشابهة"!

هذا أنموذج لإعلان لم يخصص لقناة أطفال، بل كان لقنوات قد تخصص لبالغين، فما بالنا مع ما يحدث من إعلانات تلفزيونية تعرض على قنوات مخصصة للأطفال ويكون المنتج فيها حلوى لكنها تحمل طابع العنف والتهديد وللأسف يكرر الإعلان على مدار اليوم، وهذا ما شاهدته مرة على سبيل المصادفة في إحدى القنوات المخصصة للأطفال، كان الإعلان لمنتج شوكلاته إلا أن سير الإعلان كان كارثيا بالدرجة الأولى، فحين تسير الأم مع طفلها في السوبر ماركت للتبضع يتعرض لها رجال بأقنعة تخفي ملامحهم ويحملون أسلحة لتقع تحت التهديد بذريعة إجبارها على ملء سلة البضائع من الشوكلاته - منتج الإعلان - وبغمزة يغمزها أحد رجال العصابة للطفل وكأنها غمزة انتصار، فما يكون من الطفل إلا أن يبتسم فرحاً بما ناله من تلك الشوكلاته!

ما الذي يُنتظر من جيلٍ يشاهد هذه النوعية وغيرها من الإعلانات هذا بغض النظر عن محتوى قنوات الأطفال ذاتها! ونظل نتساءل دائماً: أي جيل هذا الذي نراه؟! .. ونسينا أنّا حملنا جزءاً من المسؤولية نتجاهلها أحياناً ونغفل عنها أحياناً.

أتعجب فقط من الذي يعطي تصريحاً لقنوات الأطفال هذه؟ هل هي أقسام متخصصة بشؤون الطفل في وزارات الإعلام؟! أم أنها مجرد تجارة يكون العائد المادي هو الأهم فيها؟ هل تخضع هذه القنوات لمراقبة صارمة فيما تعرضه؟ هل العاملون فيها أو حتى الإدارة المسؤولة عنها متخصصة في شؤون الطفل؟!