نايف الحميضي


تابعنا وشاهدنا في الأيام القليلة الماضية ما قامت به إسرائيل من هجمات ليلية وعمليات قصف بالصواريخ على عدة بلدات ومناطق ريفية تابعة للأراضي السورية، ضاربة بذلك عرض الحائط لكل المواثيق والمعاهدات الدولية وتهميش تام لمهام وواجبات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وميثاقها، ومبررة ذلك الهجوم بأنه من أجل الحفاظ على أمنها واستقرارها وذلك عن طرق ضربها لمواقع لأسلحة إيرانية تم إرسالها إلى حزب الله اللبناني، والذي هو بدوره لم يكن بمنأى عن التدخل وبشكل مباشر وعنيف في الحرب الدائرة على ساحة القتال داخل الأراضي السورية منذ بدء الثورة وحتى اللحظة، ولكن الذي يستدعي الوقوف والسؤال هو: لماذا تأخرت إسرائيل في القصف داخل العمق السوري حتى هذه اللحظة؟

هل هناك سبب لتأخر ردة فعلها تجاه ما تقوم به إيران من دعم ومساعدة بالمال والسلاح لحزب الله للقيام بالعمليات الإجرامية وعمليات القتل والدمار داخل الأراضي السورية؟ أم أن هناك تنسيقا سريا وخفيا بينهما، وخصوصا بعد التلميحات الدولية والتي جاءت عقب التقارير غير الرسمية الصادرة عن فرق التفتيش الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن قيام النظام السوري التابع لبشار الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية، والتي سبق وأن قامت بعض الدول الكبرى بتحذير النظام السوري بأنه في حالة استخدامه لتلك الأسلحة فإنه سيكون في تلك الحالة تدخل عسكري مباشر من قبلهم، وهذا ما صرحت به إسرائيل من قبل، في أنها تمتلك أدلة وإثباتات بقيام النظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية ضد الثوار والمدنيين على الأراضي السورية، وأشاروا إلى تخوفهم من احتمالية انتقال تلك الأسلحة أو وصولها والاستيلاء عليها من قبل حزب الله اللبناني والجماعات "الإرهابية" وهذا مما يستدعي التدخل السريع من قبل الإسرائيليين، وهذه الحجج والتبريرات لم تأت من فراغ في اعتقادي، بل هي عبارة عن مجموعة من الممارسات الاستخباراتية الإسرائيلية المعروفة، والتي تسعى من ورائها إلى المحافظة على عدم تغيير موازين القوى ومراكز القوة والسيطرة في المنطقة وهي كذلك قد لا تخلو من الخبث الإيراني المزعج والطامع في السيطرة والتسلط والتحكم بالمنطقة، وكما أشار أو صرح بعض المسؤولين الإسرائيليين بأن هناك معلومات مؤكدة بأن إيران قد قامت بتزويد حزب الله اللبناني بمجموعة من "صواريخ الفاتح" الإيرانية الصنع وهي صواريخ متنقلة ودقيقة الهدف ولها قدرة الوصول إلى العمق الإسرائيلي، ولكن لماذا لم تقم إسرائيل بضرب تلك الشحنة على حد قولها قبل وصولها للأراضي السورية؟ أم هي وسيلة التغاضي حتى تصل لما تخطط له من أجل هدف مرسوم وهو التدخل في الحرب السورية بذريعة الخوف على أمنها من وصول تلك الأسلحة الإيرانية لحزب الله اللبناني، ولا أعتقد من وجهة نظري الشخصية بأن إسرائيل ومن خلال أجهزتها الاستخباراتية المنتشرة بأنها لم يكن لديها علم بتلك الأسلحة إلا عندما وصلت للأراضي السورية! ولكن هو عبارة عن ذر الرماد في أعين بعض الدول الكبرى التي تقف بجانب النظام السوري وبشكل علني وبحجج واقعية "على الأقل من وجهة نظر مجلس الأمن الدولي" حتى تضمن وتساعد وتقوي موقفها دوليا، على الرغم من عدم اهتمامها أو اكتراثها عن ما يصدر من قرارات من ذلك المجلس، ولكن قد تكون تلك الضربة التي قامت بها إسرائيل هي عبارة عن اتفاق سري قد تم التخطيط والاتفاق عليه مسبقا، وذلك من أجل لعب دور مهم في السيطرة على الوضع القائم على الساحة السورية وبغطاء دولي قانوني ونظامي.