عندما رشح باراك أوباما نفسه لانتخابات الرئاسة الأميركية في 2008 كان برنامجه الداعي للأمل والتغيير، يعتمد أساسا على إغلاق معتقل جوانتانامو ويوقف هجمات الطائرات بدون طيار التي تمولها أموال دافعي الضرائب الأميركيين. إلا أنه بمجرد تنصيبه رسميا قامت طائرة "درون" تابعة لوكالة المخابرات المركزية بإطلاق صواريخ على منزل فهيم قريشي، بشمال ولاية وزيرستان، مما أدى إلى مقتل سبعة من أفراد أسرته وإصابة فهيم، الذي لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره بإصابات بالغة فقد على إثرها إحدى عينيه، كما أصيب بشظية في معدته، وذلك وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز". ومع أن أحد الكتب التي صدرت أخيرا أثبتت أن أوباما، يعلم بأمر الغارة التي أخطأت هدفها، إلا أنه لم يعرض حتى الآن أي شكل من أشكال التعويض على ذوي الضحايا، وذلك لأن الولايات المتحدة لم تكن قد أقرت رسميا في 2009 بوجود برنامج طائراتها بدون طيار في باكستان. كذلك كان سعد الله وزير، ضحية أخرى من ضحايا برنامج التغيير والأمل، حيث استهدفت طائرة أميركية أخرى منزله في وزيرستان في السابع من سبتمبر2009، وقتلت 4 من أفراد أسرته، وكان سعد الله لم يتجاوز بعد الرابعة عشرة من عمره عندما وقعت الغارة. بعد يومين من وقوع الغارة استيقظ سعد الله في أحد مستشفيات بيشاور ليخبره الأطباء أن كلتا رجليه يجب أن تبترا وأنه لن تكون له القدرة على المشي مجددا طيلة حياته. وقد توفي أخيرا العام الماضي دون أن يستلم أي تعويض أو حتى كلمات اعتذار.

مؤخرا تحدث أوباما لشعبه عن الطائرات بدون طيار وادعى أنها دقيقة جدا في إصابة أهدافها وقتل المسلحين. إلا أن كلماته لم تحمل سوى قليل من التعزية لنبيلة، ذات السنوات الثمان والتي كانت عائدة في 24 من أكتوبر الماضي من مدرستها واختارت أن تلعب قليلا في أحد الحقول بالقرب من منزلها مع قريباتها بينما كانت جدتها تقطف الزهور. في تمام الثانية والنصف ظهرا انشقت أبواب السماء عن الجحيم وأطلقت إحدى الطائرات عدة صواريخ سقطت على المكان. أصيبت الجدة بإصابات بالغة وتوفيت لاحقا، كما أصيبت نبيلة ببعض الحروق في كتفيها. لا تعلم نبيلة حتى الآن من هو أوباما، أو من أين أتت تلك الصواريخ التي قتلت جدتها. عندما تتقدم أكثر في العمر ستعلم أكثر وستدرك فكرة العدالة، ولكن كيف ستتقبلها إذا كانت هي نفسها قد حرمت من هذا الحق الأصيل؟

من المهم القول إن الضحايا المدنيين للطائرات بدون طيار لم يتضرروا فقط بواسطة السيد أوباما، ولكن حكومتهم تستحق قدرا مماثلا من اللوم، إذ إن الحكومة الباكستانية كانت متورطة بدورها في عدة هجمات. لذلك فإن عبء المسؤولية لا يقع على عاتق واشنطن لوحدها، ويعتقد على نطاق واسع أن باكستان لا تكتفي فقط بإعطاء موافقة ضمنية على تلك الهجمات، بل تقدم مخابراتها مساعدات استخبارية على الأرض للطائرات المعادية. الواجب الوطني يحتم على إسلام أباد أن تتدخل إذا لم يقم الجانب الأميركي من تلقاء نفسه بإيقاف هذه الطائرات المعادية، وأن تحافظ أيضا على مسؤوليتها في مكافحة الإرهاب، ولكن ضمن حدود القانون.

وتم رفع عدة دعاوى قضائية إنابة عن أكثر من 100 من الضحايا المدنيين وعائلاتهم أمام المحكمة العليا ببيشاور ومحاكم أخرى في إسلام أباد، وذلك لمطالبة الحكومة الباكستانية بممارسة دورها في حماية أرواح مواطنيها. العدد المتزايد من الضحايا المدنيين لهجمات الطائرات الأميركية يرفع أكثر من علامة استفهام حول فعالية هذه الطائرات. ولا شك أن فهيم وسعد الله ونبيلة لم يكونوا يشكلون أي تهديد للولايات المتحدة حتى يتم الاعتداء عليهم بهذا الشكل الفوضوي.