اليوم فقط ستتأكد بشكل قاطع أن سوقنا المحلي هو أكبر معهد إعداد وتأهيل للقوى البشرية الوافدة التي تقتحمه دون معلومة واحدة عن المهنة التي ستزاولها، ثم بعد سلسلة كوارث على كل الأصعدة تتقلد لقب "معلم" يشار له بالبنان!

أمس لم يكد خطيب العيد ينهي ".. وبركاته" حتى يتحول جزء كبير من العمالة الوافدة إلى "جزارين"، حتى وإن لم يسبق لأحد منهم الاقتراب مسافة مترين من أي خروف في حياته، هذا التحول المؤقت لم يكن أمرا طارئا، بل هو قديم قِدم غياب الرقابة وضعف التوعية وعشوائية اتخاذ القرار!

وحتى يكتمل سيناريو التحول وتنجح الخطة، فيكفي أن يتأبط أحدهم "سكينا" لا يعتمد عليها في "ذبح" برتقالة، و"ساطورا" لا ينتمي لأي شركة "سواطير" تحترم نفسها، ثم يحلف لك بالله أن سيرته الذاتية مثخنة بالمذابح الجماعية والمجازر الدموية التي كان هو بطلها في كل الأعياد التي تعرفها وتلك التي لم تسمع بها من قبل.

أما إن كنت عزيزي القارئ أول ضحايا السيناريو السابق فإن "أضحيتك" للأسف ستصبح حتما هي الضحية الثانية، ثم إنك ستكون مدعوا لصباح حافل بالإثارة والندية عندما يلتقي "جزارك" الافتراضي وجها لوجه بذلك الشيء الذي كان يسمى "خروف العيد"!

ويجب بعد ذلك ألا تثور وألا تنفجر عندما يمسك الجزار الجديد خروفك المسكين ثم يسألك ببراءة "من أي مكان تحب أن نبدأ"؟! ويجب أيضا أن تحافظ على رباطة جأشك عندما تذهب قليلا ثم تعود للجزار المستجد لتكتشف أنه علق "أضحيتك" بيديها وكأنها قد أعلنت الاستسلام! ثم يجب أن تتحلى بالأخلاق الرياضية عندما يتخلص الجزار الافتراضي في نهاية مهمته تلك من كل الأجزاء غير الصالحة للأكل وكثير من الأخرى الصالحة له ليجمعها في كيس واحد ثم يضعها في حاوية النفايات!

في نهاية ذلك الصباح يجب أن تلوم نفسك أولا وأخيرا عندما تجد نفسك أمام منظر يصلح لأن يكون فيلما توعويا للأجيال القادمة عن خطر الإصابات الناجمة عن حوادث السيارات عندما ترى أضحيتك في منظر مأساوي وكأنها من بقايا حادث دهس مروري أليم!