حج 1434، صنع أنموذجاً مضيئاً، ورسم جزءا من إبداع السعوديين وملحمة أنيقة وثمرة يانعة لخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين، فحق لنا الفخر تمثيلاً مشرفاً في سماء الإسلام والمسلمين، ومن هذا المنطلق سأنعطف بنشوة فخر نحملها على جباهنا وأمام عقولنا بإنجاز لا يقبل أنصاف الحلول لأن لغته أرقام لا تمثل سوى حقائق وجمال:
قدمت 18 جهة حكومية سعودية وبإشراف عام من لجنة الحج العليا ولجنة الحج المركزية نماذجاً من العمل التكاملي الشمولي وبإخراج أنيق لخدمة أشرف بقعة وأكرم خلق، وكان العامل المشترك بينها التشرف بخدمة الحرمين الشريفين والحجاج، وامتداد الأدوار المضيئة والنماذج الوطنية المخلصة الناصعة فكانوا كعهد وطنهم بهم والمسلمين كافةً، فتحملوا مسؤوليات جسيمة وتضحيات مشرفة في خدمة ضيوف الرحمن.
جهود "الأمن العام" بقواته المختلفة ورجاله المخلصين من جنود وضباط وقيادات أظهروا احترافية عالية أسهمت في تمكين الحجاج من أداء مناسكهم بيسر وأمان، فكانوا حضناً دافئاً وصدراً رحباً وأذرعاً امتدت أماناً وعوناً، بدءاً من نجاح تطبيق الخطط الأمنية والمرورية والتي عمل عليها استعداداً أكثر من 95 ألف رجل أمن، وقوة خاصة قوامها 40 ألفا، وثلاثة آلاف رجل مرور و300 دراجة نارية و400 مركبة لتنفيذ خطة مرورية خلال موسم الحج.
تطبيق الأنظمة والقوانين تؤمّن نجاحاً في كل مسارات الحياة.. فكان تطبيق أنظمة رادعة نحو حقوق "الحج" والحجيج بدأت بالإيقاع بحوالي 95 حملة حج وهمية.. والتزام واضح لحملة "لا حج بلا تصريح"؛ فانخفض فيه أعداد المخالفين للأنظمة والذين لا يحملون تصريحًا إلى 70% عن العام الماضي، كما تم إعادة 70 ألف مخالف مع حجز 138 مركبة، و"تبصيم" لخمسة آلاف حاج مخالف ومنعهم من دخول المملكة 10 سنوات، و 500 ساعة طيران لملاحقة المخالفين سماسرة التهريب، وأكثر من 70 دورية على مدار الساعة تحيط بمكة من 4 اتجاهات.. رغم ارتفاع أصوات نشاز ضدّ تطبيق "النظام" وتوجهه بحجج هزيلة!
وزارة الصحة قدمت جهوداً عظيمة قام بها منسوبوها لتوفير الرعاية الصحية للحجاج من خلال ما قدمته من خدمات وقائية وعلاجية وإسعافية، فهيأت مرافق صحية في المشاعر المقدسة بلغت 25 مستشفى و141 مركزاً صحياًّ و17 مركزاً للطوارئ على جسر الجمرات، وكذلك توفير 175 سيارة إسعاف لخدمات الطب الميداني، وخدمات صحية نوعية لعددٍ من الحجاج المرضى وفقت بإجراء 18 عملية قلب مفتوح، و354 عملية قسطرة قلبية، و1336 جلسة غسيل كلوي، ورعاية مباشرة لأكثر من 160.280 حاجاًّ بين علاج وتنويم و17 حالة ولادة.
الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي نجحت خططها واستعداداتها لإتمام جميع المناسك.. فقد جندت أكثر من ستة آلاف موظف وعامل لتقديم منظومة من الخدمات المتنوعة لقاصدي المسجد الحرام وسخرت 14 ألف عربة لذوي الاحتياجات الخاصة وثلاثة آلاف حافظة زمزم و136 خزانا يزود على مدار الساعة، مع المتابعة الدائمة لنظافة المسجد الحرام وتطهيره لحظة بلحظة بشكل مدهش وكفاءة سريعة دون إعاقة على حركة الحجيج؛ فغسل المطاف كاملاً كان في أقل من نصف ساعة وبكثافة تكونت من 16 ألف عامل وأكثر من 300 معدة وآلة.
كان عدد دورات المياه المحيطة بالمسجد الحرام أكثر من ثلاثة آلاف دورة مياه منها أكثر من سبعين دورة مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وبلغ متوسط ما يتم نقله خارج المسجد الحرام من مخلفات وأمتعة معلقة بأسوار الساحات إلى 127 طنًّا في الموسم..
جمعية الكشافة السعودية كانت مراكز إرشاد ولهج دعاء من قبل الحجاج والتائهين، فقد شاركت بـ3000 كشاف وجوال وقائد أرشدوا فيها 83405 حجاج تائهين، وتم إيصال 7249 إلى مقار حملاتهم وأرشدوا فيه 76156 بالتوجيه والشرح فيما يعرف بالإرشاد المتجول على الخرائط الإرشادية والأجهزة الإلكترونية التي أصدرتها الجمعية..
23 ألف فرد نفذوا خطة "أمانة مكة" خلال موسم الحج عملوا وأشرفوا في ميادين متعددة.. و2000 سيارة كانت توفر الغذاء للحجيج في المشاعر المقدسة.. و15000 حافلة وفرتها النقابة العامة للسيارات وشركات نقل الحجاج..
المؤسسة العامة لتحلية المياه داعم أول وشريك استراتيجي مع الشركة الوطنية للمياه في توفير المياه في المشاعر المقدسة لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، فدعمت وأمنت خزنا استراتيجيا بلغ أكثر من 10 ملايين متر مكعب.. والقائمة والأرقام تطول!
وكي نقرأ أسماء النجاح فإنصاف أن نتوقف عند فارسي موسم الحج، رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل، ورئيس لجنة الحج العليا وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، على النجاحات التي تحققت بهما وبإدارتهما في تنفيذ وتطوير خطط الحج والنقلة النوعية المحترفة.. ومنها نقف للأعوام القادمة، وكما ذكر "الفيصل" أن النجاحات التي تحققت في هذا الموسم لا تعني أننا وصلنا إلى طموحات خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - وطموحات المواطن، ولكنها مؤشر للاستمرار في القفزات التطويرية والنوعية.
سيتداول المنصفون في كل بقاع الأرض محصلة عطاء السعوديين نحو دينهم وخدمة المسلمين لتصبح صدى في القلوب والعقول، ولا عزاء لمن أنكر جحوداً أونيلاً وتربصاً مضمراً.. فشكراً لوطني ودمت خالداً برجالك المخلصين.