تمشي في السوق أو في المستشفى أو في الشارع أو أي مكان، وقد تجد امرأة سواء كانت مع أطفالها أو لا، تجرّ عباءتها وتكنس الطريق خلف زوجها أو أخيها أو أبيها، عيناها إلى الأرض ولا تعرف القيام بشيء دونه، حتى في عيادة الطبيب، وكثير من الأطباء يشهدون هذا الموقف، تكون هي المريضة وحين يسألها الطبيب ينبري زوجها أو أبوها أو أخوها ليشرح ما تعاني منه، دون أن تقول حرفا واحدا، وتكتفي بهز رأسها نفيا أو إيجابا، هذا النوع من النساء "الغلبان" لا يستطيع أن يناقش أو يجادل حتى في أبسط خصوصياته دون أن تشاوره، ويملي عليها ما تفعله حرفيا، فهو يحرص على أن تعتمد عليه تماما، فتتلاشى دونه!! لدرجة أن تجد بعضهن معلمات يعلمن أجيالا، لكنهن لا يعرفن حتى كيفية استخدام بطاقة الصراف الآلي، فزوجها من يصرف لها راتبها ويتحكم به، وينتهي أمرها من هذا الراتب أن تقبض مصروفها اليومي.
هكذا بعض الرجال السعوديين كثروا أو قلّوا، حين يكون "ولي أمرها" ويمارس الاستبداد من خلال تسلطه على لسانها وعقلها وعواطفها وقدميها من شدة حرصه في السيطرة عليها، والمؤسف أن المؤسسات نتيجة سياسة موافقة "ولي الأمر" وعدم الاعتراف بأهليتها إلا باشتراط وجوده لتقديم الخدمات لها، مكنّت هذا الرجل من إحكام السيطرة عليها، فهي تخشى أي مسؤولية لأنها لا تعرف كيفية تحملها، وتضيع تماما حين يخرج هذا الرجل من حياتها.
لا شك أن بعض الرجال لديه هذا الهوس بالسيطرة على المرأة، لأنها مصدر تأكيد رجولتهم التي فهموها خطأ، وهذا النوع يجعلها تعتمد عليه اعتمادا كليا، ويتناسى أنه اليوم يعيش لها وغدا لن يكون موجودا، فماذا سيحصل!؟ إنه يتركها ضعيفة، هشة، مستعبدة ومن السهل استغلالها وخداعها، لأن والدها أو زوجها صنع منها عالة، ولأنها كذلك، تنتقل كعالة بحكم الأعراف من ولي إلى ولي، أي من أب إلى عم إلى زوج بحسب ظروف وفاة الولي أو الطلاق، وتصبح الابنة اليتيمة أو الزوجة الأرملة وكأنها تركة يتم توريثها للأقارب ممن يصبح في يوم وليلة ولي أمرها وعليه أن يتكفل بكل مسؤولياتها، وإن كان ممتلئا بمسؤوليات من يعيلهن من نساء تجد حينها الإهمال أو الظلم أو المتاجرة بها، لأنها لا تعرف حتى كيف تتابع معاملة حكومية لها!
بصدق، ليس حبا ولا اهتماما ولا غيرة ولا رجولة ما يفعله بعض الرجال السعوديين حين يجهل أهمية أن يدفع بزوجته أو ابنته لأن تعتمد على نفسها، ويعلمها تحمل المسؤولية، حتى قيادة السيارة تُعد من الضروريات التي يجب أن يعلمها إياها، وأستغرب كيف يجهل أن تركه لها ضعيفة الشخصية وهشة قد يعرضها للإيذاء والاستغلال الذي يخشاه حين يزيد في حمايتها من قبل النفوس الخبيثة، فأيهما أفضل له، أن يتركها قوية، قادرة على مجابهة الحياة وذئابها أم ضعيفة مستضعفة يسهل انتهاك حقوقها الإنسانية والجسدية!؟
أعتقد أن كثيرا من الأرامل واليتيمات ممن وجدن أنفسهن فجأة وحدهن دون الرجل، يعرفن قيمة ما أقوله هنا وأهميته، فليت أيضا يعرف ذلك هذا النوع المستبد من الرجال!