ربما بعد شهر من الآن لن نرى أية كتابة نقدية عن الحج، ولن يتابع معظم المغردين قضايا الحج، التي ملؤوا بها شبكات التواصل. حتى الصحافة سوف يخفت فيها حديث الحج، وكأن الكتابة عنه حاجة موسمية، تبدأ مع موسم الحج وتختبئ بانتهائه! في حج العام الماضي، ناقش مغردون أسعار حملات حجاج الداخل، ورغم حيوية الموضوع، إلا أنه لم يخرج بمقترحات؛ لأن النقاش فيه كان قد توقف مع انتهاء الموسم، وبالتالي ما تزال القضية قابلة للنقاش طوال العام حتى تصل المقترحات إلى وزارة الحج.

تتجاوز قضايا الحج عمليات النقل والإسكان والتغذية، إلى منظومة خدمات متكاملة تتحقق بتخطيط استراتيجي لاقتصاد الحج في المستقبل، وكيف يكون عائده على الفرد. أستدل هنا بمثال واحد على حاجتنا لاستمرار النقاش، خاصة لترابط اقتصاد الحج بالحياة المجتمعية والثقافية: تحتاج عملية النقل والإسكان إلى تشييد شبكة طرق وإقامة مجمعات سكنية جديدة لملايين الحجيج، ويزداد التأثير بعد نقل مسؤولية الإسكان من مؤسسات الطوافة وشركات الحج المحلية إلى متعهدي الحملات وشركات الحج الخارجية وبالتالي انتقال الأرباح معهم.

صحيح أن موسم الحج قصير، إلا أن الإعداد له يستمر معنا طوال العام، وبالتالي فإن جعل النقاش فيه موسميا لا يساعد على تشكيل رأي عام مستمر ومستنير تستفيد منه جهات تخطيط مشاريع الحج التي تعمل طوال العام. لذلك يعول على أبنائنا من الجيل الجديد الذين يشغلهم الحج ـ خاصة شباب مكة العاملين في خدمة الحجاج ـ أن يواصلوا نقاشهم طوال العام حتى تسمعه جهات الحج. فالمتابع لشبكات التواصل الاجتماعي يشهد لهم بإيجابية طرحهم ومقترحاتهم، لذلك إذا كان قدر بلادنا أن شرفها الله بخدمة ضيوفه، فإن الجيل الجديد يشارك مسؤولية مواصلة الحوار طوال العام.