أدت "فوبيا" اشتغال بعض العاملات المنزليات بأعمال السحر والشعوذة، والقلق من الأضرار التي قد يسببنها لبعض الأسر، إلى ظهور مهنة جديدة تمارسها بعض السيدات، وهي تفتيش العاملات قبل رحيلهن عن الأسرة لاكتشاف ما إذا كانت العاملة دبرت عملا سحريا للأسرة أم لا. وأدت زيادة الطلب على ذلك العمل من قبل الأسر إلى قيام السيدات برفع أجورهن عن تفتيش العاملة الواحدة ليصل في بعض الحالات إلى 1500 ريال.

وكانت أروقة المحاكم قد شهدت مؤخرا، عددا من القضايا التي تدور حول اتهام الأسرة لعاملتها المنزلية بتدبير أعمال سحرية لها أو لأحد أفرادها. وتقول أم زياد، إحدى أشهر المفتشات بمنطقة القصيم في حديث إلى "الوطن": إن مهنتها تجد رواجا كبيرا وإقبالا من السيدات لدخول دهاليز هذه المهنة المشوبة بالخطر والمغامرات، حيث تتعرض بعض العاملات في هذا المجال (تفتيش العاملات) للضرب خصوصا المفتشات اللواتي لا يجدن التعامل مع بعض الحالات التي تحتاج إلى حكمة ودراية. وحول آلية تفتيش العاملة قالت أم زياد - التي تعمل في هذه المهنة منذ 13 عاما -: إنها فور استدعائها تقوم بالذهاب إلى الأسرة التي تنوي عاملتهم السفر وتنفرد بحقائب سفرها لتفتيشها تفتيشا دقيقا يصل إلى فك خيوط الملابس، ومن ثم الخلوة بالعاملة بعد خلع ملابسها وتفتيشها تفتيشا ذاتيا يصل إلى أماكن حساسة في الجسد. وعن الأشياء التي تعثر عليها، أشارت أم زياد، إلى أنها تتنوع بين الشعر والأظافر والملابس الداخلية الخاصة والفوط الصحية والصور الشخصية للأطفال وغيرهم، بالإضافة إلى أحدث الأعمال التي انتشرت مؤخرا وهو أخذ مواطئ الأقدام بالرمل وهذه - والحديث لأم زياد – عثرت منها على 25 حالة، مشيرة إلى أن الأعمال السحرية المربوطة تقوم بتسليمها للأسرة التي تقوم بدورها بالتواصل مع "مكافحة السحر والشعوذة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" أو الرقاة المختصين لفكها بطريقة شرعية سليمة، وأكدت أم زياد أن أسعار خدماتها التي تقدمها تتراوح بين 500 ريال إلى 1500 ريال وهذا التراوح بحسب الخدمات المطلوبة، حيث تقوم أحيانا بتوصيل العاملة إلى المطار وقص التذاكر ومتابعتها حتى تتأكد من سفرها، مؤكدة أن خدماتها وصلت إلى أسر من مناطق مختلفة في المملكة وبعض دول الخليج.

ويقر المدير السابق لإدارة "قضايا السحر بهيئة القصيم" والمتخصص في قضايا السحر والشعوذة الشيخ مشيقح بن حمود المشيقح، بوجود تلك الظاهرة التي تقلق كثيرا من الأسر، ويقول في حديث لـ"الوطن": إنه قل أن تخلو أسرة في مجتمعنا من وجود عاملة منزلية، حتى وإن كانت لغير الضرورة، حتى إن البعض اعتمد على العاملة كليا في مهام كثيرة لا تستدعي ذلك، وبالتالي أدى ذلك لوقوع بعض المشاكل داخل كيان الأسرة صحيا وأخلاقيا. ونشوء ظاهرة تفتيش العاملات باتت أمرا طبيعيا للكثير من الأسر جراء أفعال سحرية تعرضت لها من قبل وتسببت في أمراض نفسية مستعصية وتفكك للعلاقات الأسرية. وحول أسباب قيام العاملات بالسحر للأسر التي تعمل لديها قال المشيقح: إن هذا الأمر يعود أولا إلى ضعف الإيمان وقلة العلم والجهل بالعقيدة السليمة الصحيحة، مشيرا إلى أن انتشار السحر وسهولته في بعض البلدان التي يتم الاستقدام منها خصوصا في بعض المدن والطبقات الفقيرة، سهل من ظهور هذا الأمر لدينا. وأكد المشيقح أن أحد أهم دوافع الساحرات من العاملات هو سوء المعاملة من قبل الأسرة أو أحد أفرادها والذي يصل أحيانا إلى الضرب أوالإهانة والاضطهاد، أو توكيل العاملة بمهام تفوق طاقتها مع عدم وجود من يأخذ لها حقها فيولد ذلك عندها دافع الثأر والانتقام.

وحول الظواهر التي واجهها أثناء عمله في هذا المجال، قال المشيقح: إن البعض يصاب بالخوف والهلع عند رؤيته لبعض الطلاسم والحروف الغريبة في أوراق مكتوبة بحوزة العاملة، إلا أنه غالبا ما تكون هذه اعتقادات عندهم بأنها كما يزعمون تجلب الخير وتحصنهم وتدفع عنهم الضرر.

وحول طرق الوقاية من ذلك قال الشيخ المشيقح: إن التوكل على الله وقراءة الأوراد الشرعية وتحصين الأبناء بها أهم طرق الوقاية، بالإضافة لمراقبة العاملات وعدم ترك الحبل لهن على الغارب في تربية الأبناء، ومحاولة تزويدهن بتعاليم الإسلام وتوعيتهن بذلك، داعيا الأسر للاستغناء عن العاملات لغير الضرورة حفظا لأفراد الأسرة وكيانها.