بالقهوة والضوء تتشرب لوحات الفنانة التشكيلية تركية الثبيتي، فتبدو كما لو أنها معتقات تراثية تنهض من غفوة الزمن لتظهر على القماش لإحياء ذاكرة إنسانية غيبتها مدن الحديد والأسمنت، يظهر التراب، القهوة بلونها الذي يشبه لون الأرض كأن الحياة تنهض من جديد.

الثبيتي التي افتتح معرضها الشخصي بعنوان: "لو كنا" الروائي عبده خال، في ممرات سوق الخليلي بالرد سي مول بجدة أول من أمس، تبدو في أعمالها كثافة بصرية مستمدة من التراث الشعبي، تؤكده بلون وحيد هو لون القهوة مع إشعاع ضوئي يعطي العمل شكله الفني وغايته الموضوعية، ولم تكتف الفنانة بذلك بل أضافت إليه رائحة القهوة، حيث طبخت القهوة في الصالة نفسها وأشاعت رائحتها وسط المتلقين.

المعرض الذي دعت إليه مديرة صالة "شدة" الفنانة فاطمة باعظيم، أظهرت فيه الثبيتي قدرة على حشد عناصر درامية في المشهد التشكيلي كما لو أنها تروي قصصا عن الحياة والأمل، الموت والفناء، فالإنسان حاضر في أعمالها دائما سواء بشخصه كمكون من مكونات العمل، أو بآثاره التي تدل عليه من خلال مأساة أو رغبة أو حب كله متدثر بحنين لوني تجلبه القهوة بعناصرها كمادة للعمل أوكموضوع فيه وحتى خارجه باستئثارها حاسة الشم عن المتلقي.

أعمال الفنانة الثبيتي تنم عن حس عميق وأصيل والطريقة التي قدمت فيها أعمالها، تشي بأن حاسة ثقافية تقف وراءها، ثم نكتشف أن تركية الثبيتي ليست فقط فنانة تشكيلية ولكنها أيضا كاتبة، حيث أصدرت "ضوء وتجليات" عام 2010. وعبرت عن أعمالها بقولها: "لو كنا ندرك أقدارنا، لو كنا نعرف متى نموت هل كانت ستعصرنا الحياة ونختنق بها ونموت فيها مراراً ؟!!"، وتضيف: "كل شيء يدفعك للتأمل والتدبر في هذا الكون العظيم، تبحث في كل تفاصيله عن آيات الله تقرأ إبداعاته بنهم المؤمنين.