فاجأتنا نتائج التعداد السكاني بأرقام وحقائق صادمة ومخيبة لآمالنا. التركيبة السكانية وفقاً للنتائج الحالية تشهد تآكلا ملحوظا للعناصر الوطنية على الخريطة السكانية بسبب ارتفاع نسبة المقيمين من العرب والأجانب. ووفقاً لتلك المعطيات بات لزاما علينا أن نطرح السؤال العريض: "ما أخبار السعودة؟" وأن نبحث عن إجابة لأيّ سؤالٍ يوجّهه أيُّ مواطن يسألنا ببراءة "وش أخبارالسعودة؟". السعودة التي أدرجتها الدولة ضمن أهدافها الإستراتيجية لإحلال الكوادر البشرية الوطنية محل الكوادر الأجنبية. نتائج التعداد أثبتت للأسف أن "السعودة" ما زالت شعارا نرفعه دون أن ننجح في تحقيقه بصورة مرضية على أرض الواقع. لن أتعمق في تفاصيل نتائج التعداد سأقف فقط أمام تلك النسب التي قد تساعد في الإجابة على سؤالنا العريض. ففي تعداد عام 2004م بلغ عدد غير السعوديين ستة ملايين ومئة ألف وبنسبة مقدارها 27% من إجمالي عدد السكان. قفزت النسبة في تعداد هذا العام لتصل إلى 31%, ليبلغ عدد غير السعوديين ثمانية ملايين وأربعمئة ألف وبزيادة مقدارها مليونان وأربعمئة ألف, وخلال ست سنوات فقط، أي أنّ معدّل الزيادة السنوي أربعمئة ألف نسمة. رقم كبير جدا ومعدل مخيف يؤكد على أن عملية السعودة التي ننشدها تعاني الكثير من المعوقات، ولا تسير في الطريق الصحيح. رقم مقلق ينذر بزيادة نسبة البطالة في السنوات القادمة كنتيجة حتمية لاكتساح الكوادر الأجنبية لمعظم الوظائف المتوافرة في سوق العمل السعودي. الشواهد الأخرى على تقهقر السعودة تجميد بعض القرارات الحيوية التي لو وجدت السبيل للتنفيذ لغيرت الكثير من النسب الفاجعة. من تلك القرارات سعودة قيادة سيارات الليموزين ومحلات بيع المستلزمات النسائية وقرارات لم تر النور كتوطين الوظائف الإدارية والمالية في كل الشركات وسعودة كل الوظائف التعليمية في الجامعات والكليات والمدارس الأهلية.

زيادة نسبة العناصر غير السعودية تعزز في دواخلنا الخوف والخشية على الأجيال القادمة، فإذا كان حديثنا الآن يبدو ممزوجا بالألم والحرقة فكيف سيكون رتم هذا الحديث عندما تصل نسبة غير السعوديين إلى50% بعد عشر أوخمس عشرة سنة وفقا لمعطيات المرحلة الحالية، وبخاصة إذا تُركت الأمور على ما هي عليه دون تدخل وظل مشروع السعودة يحبو على الركب؟