طغت على السطح في الوقت الحاضر مشكلة اجتماعية مؤرقة يتخللها ظلم كبير يقترفه أزواج ظالمون يمارسون عن سابق إصرار وتعمد، الظلم في حق زوجة سابقة دون تقدير للعلاقة المقدسة التي بينهما لزمن ودون تقدير للعشرة التي بينهما ودون تقدير لمشاعر الأم ومشاعر الأطفال.. ونقول كمجتمع لمثل هؤلاء التالي:
- نحذركم من الظلم الذي تمارسونه بحق حرمان أم من أولادها وبحرمان أولاد من أمهم، والله إنكم تزرعون الكراهية والحقد في نفوس أولادكم.. فهل تعتقدون أن أولادكم عندما يكبرون سيقبلون ممارستكم لوالدتهم.. والله لن يقبلوها مهما حاولتكم ظلما وعدوانا غسل أدمغتهم الطاهرة الصغيرة بضغينتكم وحقدكم وظلمكم.
- إن الله حرم الظلم على نفسه، وجعله محرما بين عباده، ورفع دعوة المظلوم، فليس بينها وبين الله - تعالى- حجاب، ووعد بالانتصار لها ولو بعد حين.. وحذر من الظلم؛ فإنه ظلمات يوم القيامة، وإذا كان من قريب فهو أشد جرما، وأعظم إثما، وأنكى جرحا؛ لأنه ظلم وقطيعة، وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب؛ ? فهلْ عسيْتمْ إنْ توليْتمْ أنْ تفْسدوا في الأرْض وتقطعوا أرْحامكمْ ، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهمْ وأعْمى أبْصارهمْ?. وكيف وقطيعة الرحم هنا مع الأم.. أخذ رجل بيض حمرة فجاءت ترف على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أيكم فجع هذه ببيضتها)، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أخذت بيضتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اردده رحمةً لها)، رواه البخاري في الأدب المفرد. وقال (من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين الأحبة يوم القيامة)، رواه الترمذي.
والشريعة الربانية قد جاءت بما يوائم الفطرة، فأغلقت كل طريق يحال فيه بين الولد وأمه؛ رحمةً بهما، فالولد يحتاج إلى حضانة أمه.
- من الدين والمروءة التي يجب أن يتحلى بها الأزواج الظالمون جمع الأمهات بأولادهن ليتقوا غضب الله ودعاء المظلومات فدعاؤهن ليس بينه وبين الله حجاب.
- أيها الأزواج الظالمون مبنى الأسرة في الإسلام على المودة والرحمة، فإذا عدمت المودة والميل القلبي، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ولا يحل لأي من الزوجين أو ذويهما أن يضمر الانتقام والإضرار، وإلا كان ذلك غير إحسان ?ولا تنسوا الفضْل بيْنكمْ إن الله بما تعْملون بصير?، فإذا نهى الله - تعالى - عن نسيان الفضل بين زوجين في زواج انفصمت عراه قبل دخول الزوج بزوجته، فكيف بعد الدخول إذاً؟! بل وكيف إذا كان بينهما أطفال؟!
- أيها الأزواج الظالمون أطفالكم الضحية يكتوون بناركم، تتأثر نفسياتهم بسببكم، خففوا عليهم آثار مشاكلكم وأبعدوهم عنها حتى ينشأوا أسوياء بدون عقد ولا أمراض نفسية.. فعندما يكبرون فوالله إنكم تأثمون وتقضون على مستقبلهم؛ فالعقد التي تزرعونها فيهم سوف تجعل المجتمع يلفظهم بسبب الظلم الذي أوقعتموه.
- أيها الأزواج الظالمون الذين تمارسون منع الأمهات من أولادهن إن أعظم جريمة ترتكب في حق الأولاد أن يتخذ هؤلاء الأولاد سلاحا لإضعافها والانتقام منها، فينتزع الأب أو ذووه أولادها منها بالقوة، ويحبسهم عن أمهم؛ لتصفية حسابات سابقة، أو لإثبات أنه أقوى، أو لغير ذلك، فيحرق قلب أطفاله على أمهم لإطفاء نيران قلبه المشتعل بالضغائن والأحقاد.
إن الشريعة قد حرمت منع الأم من أولادها، وحبسهم عنها لأي سبب كان. ولا يحل الانتقام منها.
- أيها الأزواج الظالمون يجب عليكم أن تعينوا أولادكم على بر أمهم ولو كانت طليقة، ولا تؤلبوهم عليها، أو تشوهوا صورتها في أذهانهم، فإن ذلك كله ينافي الفراق بإحسان، ويعود بالسلب على أولادكم.
- أيها الأزواج الظالمون إن السجون ودور الأحداث ومستشفيات الأمل مليئة بشباب وفتيات وقعوا فيما وقعوا فيه من المخالفات والمخدرات؛ بسبب عدم الاستقرار الأسري، بسبب نزاع بين آبائهم وأمهاتهم، فلا تدفعوا أولادكم بأعمالكم المشينة هذه إلى كل ذلك ويكون الأولاد وسائل في معارك لا خاسر فيها مثلهم، حتى ملوا وضاعوا، وهرب الأبناء مع رفقاء السوء.
إن الله حرم على الآباء أن يجعلوهم ورقة ضغط وابتزاز للأمهات؛ فليتق الله - تعالى - كل معلق أو مطلق أن يظلم طليقته وولده بحرمانها من أولادها لمال يرجوه، أو لإسقاط نفقتهم عنه وهم أولاده، أو لغير ذلك من الأغراض الدنيئة التي يعف عنها كرام الرجال، ولا ينتحلها إلا الأراذل منهم.
أيها المجتمع النبيل الفاضل انكروا والفظوا وحاربوا بكل الوسائل هؤلاء الظلمة الأراذل الدنيئين الحاقدين المريضين ليعودوا إلى صوابهم فقد انتشر ظلمهم وعم بلاؤهم.. اللهم انتقم للضعيفات المظلومات منهم واكفهم بما شئت وأرح المجتمع منهم.. دعوة للمجتمع بكل فئاته ومؤسساته القضائية والتشريعية والتنفيذية بأن يأخذوا على أيدي هؤلاء بلا رحمة ولا شفقة..
وعلى الناس إن رأوا باغيا على طليقته وولده يحرمهم من بعضهم بعضا أن يلفظوه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنه لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع). رواه ابن ماجة.