تأويل الرؤى والحرص عليه من قبل الناس ازداد في السنوات الأخيرة، وما أحسب ذلك إلا حباً لمعرفة ما تحمله الرؤيا من معان قد يكون فيها بشرى للرائي، لذا وغيره انكب كثير من الناس لسؤال المعبرين إلى أن وصل الحال بالمعبِّرين إلى الخروج في القنوات الفضائية في بث مباشر يشاهده الملايين داخل البلاد وخارجها، وأصبحت برامج تعبير الأحلام مصدر جذب وشهرة لتلك القنوات، ووصل الأمر في كثير منها إلى فتح سوق للتجارة فيها، فالدقيقة بمبلغ مفروض على المتصل، وكلما زادت دقائق الاتصال ما بين المعبر والرائي زاد استنزاف المـال من جيب المتصل، والحال يكون أسوأ في طلب تأويل الرؤيـا عن طريق الرسائل النصية، وبما أن الربح المالي من هذه البرامج آتى ثماره، أصبح التلهف على استضافة أي إنسان لديه إلمام يسير بتعبير الرؤى، فكثر المعبرون الذين تتباين أحوالهم ما بين حاذق و مدع مائق، وقد يكون من بينهم طالب للشهرة، وجد ضالته المنشودة فانضم إلى ركاب المعبرين، وهؤلاء وإن كانوا قلة فيهم إلا أنهم يسألون ويجيبون في جرأة عجبية وتعبير خاطئ، مما قد يدخل الوسوسة ويزيد الهمّ على الـرائي، وحال المعـبرين من حيثية معرفتهم بالتأويل تحتاج إلى مقال مستقل.

إن على القنوات الفضائية التي تبث برامج تأويل الرؤى ألا تتوسع في عرضها، وألا تأخذ مقابلا ماليا من الرائي، وألا تجعله مصدرا من مصادر التكسب، وعليها استضافة من عرف حذقه في التعبير، وعدم التهاون في ذلك، كما أوصي الجميع بتقوى الله - عز وجل -، وألا يتعلق الرائي بالرؤيا ولا بالمعبر، وأن يتأدب بالآداب الشرعية الواردة في السنة النبـوية في تعامله مع ما يرى في منامه، كما أن على المعبر أن يترفع عن أخذ مقابل مالي على تأويله للرؤى، لا في البرامج الإعلامية ولا في غيرها.