يحرص عدد من الأسر على تكريم العاملات والعاملين لديها قبل سفرهم بتأشيرة خروج نهائي، وذلك بالاحتفال بهم، وجلب الهدايا لهم، تعبيرا عن الوفاء، والعرفان لما قدموه من جهد في خدمتهم، ولترك ذكرى طيبة في نفوسهم قبل الرحيل.

من هذه العائلات أسرة خالد العتيبي التي عملت لديها عاملة من الجنسية الهندية لأكثر من 18 عاما، بشكل متواصل، لم تكن تغيب عنها إلا عند سفرها لبلدها خلال الإجازات، حتى إنهم اعتادوا عليها هم وصغارهم، وأصبحت كفرد من العائلة.

تقول ربة الأسرة صالحة العتيبي "عندما حان وقت سفر عاملتي المنزلية بشكل نهائي لبلدها، قررت تنظيم احتفال وداعي لها دعوت له عددا من الأقارب ومعارف العاملة وصديقاتها، وكل فرد في المنزل قدم لها هدية معينة لتتذكره بها، وفوجئت العاملة كثيرا بالاحتفال، وبكت بتأثر بالغ، وأكدت أنها كانت طوال السنوات التي عملت بها معنا بين أهلها، ولم تشعر بالغربة أبدا".

يقول علي النمر الذي يقطن بحي المروج بأبها، "كان لدينا عاملتان وسائق من إندونيسيا، وقضوا في العمل لدينا 13 عاما، وقبل سفرهم النهائي قررنا أن نعد لهم احتفال شكر وتكريم للسنوات التي قضوها معنا، ليبقى ذكرى جميلة في نفوسهم تعكس صورة إيجابية تخالف الصور التي يتصورها البعض عن العلاقة بين الكفيل والمكفول".

يقول السائق الإندونيسي ماسيرون قبل سفره "حضرت للسعودية قبل 13 عاما مع زوجتي وشقيقتي، وعملنا لدى كفيل واحد طيلة هذه الفترة، ورغم أننا مسلمون لم نكن نعلم الكثير من التفاصيل عن الإسلام، ولكن كفيلنا وأسرته حرصوا على تعليمنا، ووجهونا لمكتب توعية الجاليات بمنطقة عسير، الذي قام بالكثير لتعليمنا الصلاة الصحيحة، وتلاوة القرآن الكريم، وخطوات العمرة والحج، وغيرها".

وأكد ماسيرون أنه يشعر بالأسف الشديد لخروجه النهائي من المملكة، وفراقه لأسر وأشخاص وأصدقاء كانوا كالعائلة تماما له ولقريبتيه.

من جانبه قال الاختصاصي الاجتماعي بمديرية الشئون الصحية بعسير خالد حسن آل سليم لـ"الوطن" "برزت بالآونة الأخيرة ظاهرة الاحتفال بسفر العمال والسائقين أو عودتهم لدى كثير من الأسر، وهذا ليس بمستغرب، فنحن شعب يتمسك بالدين الحنيف الذي يحث على غرس مثل هذه العادات الجميلة في النفوس، ومساواة التعامل بين الخادم والمخدوم، ونحن شعب شرقي نتميز بالعاطفة الجياشة التي تتملكنا فيصعب علينا كثيرا فراق من قضوا معنا سنوات بمنازلنا واكتسبوا عاداتنا وتقاليدنا، واطلعوا على أسرار منازلنا، وكان الكثير منهم خير أمناء عليها، فوجب الاحتفاء بهم وتكريمهم ماديا ومعنويا، من منطلق الشكر، وغرس صورة إيجابية عنا في نفوسهم".

ولفت آل سليم إلى أن "البعض يحتفل أيضا بقدوم العاملات والعمال لصعوبة الإجراءات وشروط الاستقدام، وهذه ظاهرة تتواجد على مدى ضيق، مشيرا إلى أنها في كل الأحوال ظاهرة صحية تعكس رقي المجتمع السعودي في التعامل مع الآخر، وتظهر الصوره الحقيقية للمواطن الذي يعرف ما له من حقوق، وما عليه من واجبات تجاه الآخر. وأكد أن "نتائج هذه الاحتفالات تظهر جلية في مجال العمل، حيث تقابل بإخلاص العامل الجديد، والامتنان والشكر عند سفره النهائي.