لم تكن أحداث منفوحة التي دارت رحاها الأسبوع المنصرم مفاجئة للمهتمين بالوضع الأمني والذين بعثوا برسائل التحذير منذ وقت طويل، بل ولم تكن تلك الأحداث أمرا طارئا لسكان الحي الأصليين ولا لقاطني الأحياء المجاورة الذين كانوا يترقبون ساعة الصفر في أي حين، نظير مشاهداتهم اليومية هناك!

في "أحداث منفوحة" يبرز التساؤل الأكثر إلحاحا عن عدد المجرمين الحقيقيين من بيننا الذين عملوا لسنوات ممتدة تحت غطاء وبدونه لتحقيق مكاسبهم الخاصة، حتى وإن كان الثمن تكوين بيئة فساد ذائعة الصيت! وطابور المجرمين الذي أعنيه كان ممتدا لسنوات عديدة يمارس هذا الإجرام في وضح نهار شمس المملكة، وبالمثل كان ممتدا أيضا على المستوى الجغرافي من أول "خطوة" على "حدود الوطن" وحتى آخر "بلاطة" من سكن تلك العمالة المخالفة!

يتصدر قائمة المجرمين بفارق مريح عن باقي المنافسين، المجرم الذي بفضله كانت عملية وصول العمالة لداخل المملكة أشبه بنزهة خلوية تنتهي حلقتها الأخيرة في الزوايا المظلمة من المدن الكبرى على يد مجرم آخر تكفل بتوفير وسيلة المواصلات لجعل النزهة أكثر رفاهية، ولنقل أرقام مجهولة للمساهمة بفعالية كبرى في زيادة معدل البطالة بين أبناء جنسه ولزيادة مستويات الجريمة ضدهم!

ومن بداهة القول أن الأعداد الهائلة السابقة لن تسكن في الشارع، لأن هناك في طابور المجرمين الطويل من سيقوم بتوفير المأوى لهم وهو يعلم يقينا بحقيقة أوضاعهم، يقوم بذلك رغم كل الشكاوى التي تصله من سكان الحي الأصليين عن شعورهم بانعدام الأمن بعد حضور جيرانهم الجدد!

تشير أصابع الاتهام الطويلة بوضوح أيضا للشركات التي استغلت الظروف السابقة جمعاء ثم قامت بتشغيلهم لكسب يد عاملة رخيصة، ثم زادت على ذلك بظلمهم وأكل حقوقهم بالباطل ليدفع آخرون ثمن ذلك!

طابور المجرمين السابق يجب أن يحاكم اليوم، لأنه ببساطة هو من تسبب بكل الأحداث التي حصلت في "منفوحة" والتي قد تحصل في باقي الأحياء المشابهة في المدن الأخرى!