خشيت أثناء الطواف في مساء الخامس من رمضان أن يقع مكروه. ليس بسبب الزحام وهو أمر طبيعي في أيام رمضان ولكن بسبب سوء إدارة الأولويات بين المصلين والطائفين وقت صلاة التراويح. فقد سُمح للمصلين أن تمتد صفوفهم حتى منطقة الطواف مما ضيق المساحة على الطائفين. فرأيت المعاناة في وجوه الشباب والشيبان نساء ورجالا. واشتد علينا التعب والإرهاق خاصة مع ارتفاع الحرارة وزيادة الرطوبة فيها حتى شعرت أن التنفس قد ضاق كلما ضاق بنا صحن الطواف. وكان الأجدر أن يُترك صحن الطواف كله للطائفين. (وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) الحج (26)
المعروف أن الجهة اليمانية للكعبة المشرفة بين الركنين.. وكذلك الشرقية عند مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، وباب الكعبة هما الأكثر ازدحاماً حتى في الأيام العادية. وفيها يقف الطائفون عند نقطة بداية الطواف والتوقف فيها بعد إتمامه ويقفون أيضاً عند المقام وعند الملتزم وبعضهم يصلي في حجر إسماعيل، وكثير منهم يمسحون بأيديهم الحجر الأسود. وبالتالي تحتاج هذه المنطقة جهداً استثنائياً في مثل هذا الموسم. ولكن بدلاً من ذلك مُدت صفوف المصلين إلى هذه المنطقة، واُخذ جزء منها وخُصص للطوارئ والإسعاف، وفي نفس الوقت وقف عدد كبير من رجال الأمن بحبالهم لمنع خروج الطائفين بعد انتهاء الطواف إلا من مكان واحد وهو المقابل للحجر الأسود الذي يعد في الأساس الأكثر ازدحاماً.
تحدثت مع أحد مسؤولي أمن الحرم المشرفين عن تنظيم حركة الحشود وبينت له أن تداخل صفوف المصلين في الطواف قد ضيق حركة الطائفين وأتعبهم. ويبدو أنه شعر بتخوفي من عواقب الزحام، ولكنه لم يفعل شيئاً. ثم تركته لأجد أمامي امرأة قد سقطت من الإعياء وحملها أهلها بحثاً عن مكان تتنفس فيه. وعلى بعد خطوات منها سقطت امرأة أخرى وشاهدتها بين أيدي أبنائها يسقونها الماء ويلوحون بالإحرام لعلهم يجلبون لها الهواء بعيداً عن أعين فرقة الطوارئ التي حجزت لها مكاناً وزادت من تضييق حركة الطائفين. بكلّ تأكيد قد بينت لنا التجارب أن أخذ أي جزء من مساحة الطواف لصلاة التراويح لا يخفف على المصلين بل يُزحم الطائفين، لذلك فالمطلوب العودة إلى الأولويات، أي أن يعود الأمر إلى طبيعته فيترك صحن الطواف للطائفين.