تنص المادة الثانية من نظام الدفاع المدني أن الكارثة المنصوص عليها في النظام هي كل ما يحدق من حريق أو هدم أو سيل أو عاصفة أو زلزال أو أي حادث آخر من شأنه أن يلحق الضرر، أو "يهدد بالخطر" حياة الأفراد أو الممتلكات العامة أو الخاصة. وتنص المادة الرابعة من النظام أعلاه على أن جهاز الدفاع المدني بالمملكة يتألف مما يلي: مجلس الدفاع المدني والمديرية العامة للدفاع المدني ولجان الدفاع المدني.

أما المادة السادسة فتنص على أن يجتمع مجلس الدفاع المدني مرتين في السنة على الأقل وكلما "دعت الحاجة" إلى ذلك. وأخيرا فإن المادة التاسعة بفقرتها (أ) فتنص على اختصاص مجلس الدفاع المدني بوضع السياسة العامة للدفاع المدني والخطط والمشاريع اللازمة لتنفيذها وتحديد مهام ومسؤوليات الأجهزة الحكومية والجهات الأخرى التي تتولى تنفيذ ذلك.

ولتحقيق المادة الأخيرة بفقرتها الأولى ومواد أخرى من النظام فإن اللائحة التنفيذية لمهام ومسؤوليات الوزارات والأجهزة الحكومية التي تعدّ أعمالها محققة لغايات نظام الدفاع المدني نصت بفقرتها الثالثة على أن تتولى اللجنة التحضيرية لمجلس الدفاع المدني مراجعة المهام والتعليمات المذكورة باللائحة في بداية كل عام هجري للأخذ بالمستجدات والمتغيرات التي تطرأ، وذلك لضمان فاعليتها وتحقيق الأهداف المطلوبة على الوجه الأكمل. أما مهمة التنسيق و(المتابعة) لتنفيذ مهام ومسؤوليات لجان الدفاع المدني بالمناطق فإنها تقع على عاتق المديرية العامة للدفاع المدني حسب المادة الرابعة من هذه اللائحة التنفيذية. ولذلك فإن ما مرت به المملكة في مناطقها الإدارية المختلفة يعد كارثة حسب تعريف المادة الثانية من نظام الدفاع المدني وإن لم يعلنه مجلسه، فخسائر الأرواح البشرية والممتلكات الخاصة والعامة ساهمت بتوثيق شروط استيفاء التعريف.

استنفرت لجان الدفاع المدني في المناطق المختلفة برئاسة أمراء المناطق وعضوية ممثلي الوزارات والقطاعات الحكومية المختلفة. هذا الاستنفار تراوحت جودته بين المناطق ولكن العامل المشترك بينها جميعا ضياع بوصلة سياسة الدفاع المدني بأداء بدائي ومخجل لأعضاء مجلس الدفاع المدني.

قد نتفهم إسناد مهمة التعامل مع كارثة الأمطار والسيول للجنة الدفاع المدني بالمنطقة الإدارية عندما تكون هذه الكارثة محددوة بمنطقة واحدة أما عندما يمتد تأثيرها ليشمل أكثر من نصف المناطق الإدارية، فهنا لا بد لمجلس الدفاع المدني أن يجتمع ويأخذ بزمام الأمور فالحاجة تدعو أن يجتمع حسب المادة السادسة من نظامه، ولا نعلم ما تعريف الحاجة إن لم تكن لفقد أرواح ودمار للبنى التحتية وتلف للممتلكات الخاصة.

ما حصل من تخبط قيادي لأعضاء مجلس الدفاع المدني وتداخل بينهم وبين ممثليهم على مستوى لجان الدفاع المدني بالمناطق بحاجة لوقف جادة لمراجعة أدائهم ومراجعة صلاحيات التنسيق والمتابعة للمديرية العامة للدفاع المدني لهؤلاء الأعضاء مجلسا ولجانا.

لا يمكن لعاقل يعيش في القرن الحالي أن يتجاهل علما كاملا مختصا بالأرصاد ويعدّ هذه الأمطار مفاجئة ومع ذلك فإننا سنعدها كذلك وسنعده وقتا مناسبا لإجراء تجارب وتمرينات الدفاع المدني حسب الفقرة (ى) من المادة الرابعة عشرة من النظام، ولكنه تمرين قررته الحالة المطرية قبل أن يقره مجلس الدفاع المدني. وعليه فإن مجلس الدفاع المدني بحاجة لإصدار تقرير عن أدائه خاصة وأن الكارثة الحالية ستتزامن مع مراجعة اللجنة التحضيرية لمجلس الدفاع المدني المفترضة مع بداية كل عام هجري.

كل ما ذكر أعلاه يمكن تلخيصه بحاجة المواطن أن يقوم أحدهم بواجبه الإداري والتنسيقي والخدمي حتى لا يتعرض رجال الخط الأول للخطر والوفاة، وحتى لا يعلق مريض السكري لساعات في طريق مسدود من دون أدوية وغذاء، وحتى لا يقف أطفال تحت المطر بانتظار أن يقلهم ذووهم بعد أن قرر مسؤول تعليق دراستهم بعد الحصة الأولى.

جل ما يحتاجه المواطن ألاّ تدير الوزارات الخدمية ظهرها لهم كما فعلت وزارة الشؤون الاجتماعية عندما أعلن متحدثها الرسمي هذا الأسبوع أن تقديم المساعدات في الكوارث الطبيعية ليس من اختصاصها، وإنما من اختصاص وزارة المالية في فضح لجهلها بمهامها حسب الأنظمة واللوائح. وعليه فإن وزارة الشؤون الاجتماعية بحاجة للتوجيه ولفت النظر بالرجوع للمادة الثانية من مهامها المنصوص عليها باللائحة التنفيذية لنظام الدفاع المدني التي تنص على رعاية الأطفال والشيوخ والنساء الذين فقدوا ذويهم وتوفير الخدمات اللازمة لهم في مرافق الخدمات الاجتماعية أو في مراكز الإيواء عند إقامتها، وتشمل هذه الخدمات على السكن والإعاشة والخدمات الصحية والاجتماعية والنفسية وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية. لتتبعها المادة الرابعة حتى تسد الطريق على الوزارة في حال قررت قصر خدماتها على الفئات أعلاه لتنص على أن تساهم الوزارة في عمليات جمع التبرعات العينية والنقدية وتقديمها للمتضررين والمنكوبين بغض النظر عن أوضاعهم الاجتماعية.

من السذاجة أن نتجاهل ترهل أداء مجلس الدفاع المدني والذي يعد العمود الفقري لمجابهة أي كارثة محلية أو إقليمية. ومن السذاجة حقا أن تمر الكوارث من دون طرح السؤال مجددا على مجلس الدفاع المدني: أين خطتنا الوطنية للطوارئ والكوارث؟